تسعى نحو 200 دولة مشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة تغير المناخ المنعقد في باكو عاصمة اذربيجان، للتوصل إلى اتفاقية تهدف إلى تأمين تريليونات الدولارات من أجل مواجهة تحديات التغير المناخي في العالم.
وبينما تظل الحاجة واضحة لتمويل مشاريع مناخية في البلدان النامية، يتضح أيضًا وجود خلافات عميقة بين الدول حول آليات التمويل والأطراف المسؤولة عن سد هذا التمويل.
ما الهدف من تمويل المناخ؟
بدأ الالتزام بتمويل المناخ في عام 2009، حيث تعهدت الدول الغنية بتقديم 100 مليار دولار سنويًا لدعم الدول النامية في مساعيها للتحول إلى طاقة نظيفة ومقاومة تداعيات تغير المناخ.
وبدأت هذه المدفوعات رسميًا في عام 2020، لكنها لم تكتمل حتى عام 2022، ومع نهاية التزام الـ100 مليار دولار هذا العام، يتفاوض المندوبون على هدف جديد للتمويل ابتداءً من العام المقبل، إلا أن حجم هذا الهدف وموارد تمويله ما زالا موضع خلاف بين الأطراف.
مصادر التمويل وأفكار جديدة
ترى بعض الدول الكبرى أن التمويل لا يجب أن يكون معتمدًا فقط على خزائن الدول، بل يجب أن يشمل مصادر إضافية مثل المؤسسات المالية الدولية والقطاع الخاص، وبينما كانت الأموال العامة تشكل الجزء الأكبر من الالتزامات السابقة، يُتوقع أن تكون المصادر المتعددة ضرورية لتحقيق أهداف أكبر في المستقبل.
كما تم طرح فكرة الأهداف المتعددة الطبقات للتمويل، بحيث يشمل مبلغًا أساسيًا ثابتًا من حكومات الدول الغنية، بالإضافة إلى مساهمات إضافية من الجهات الخاصة.
مَن يجب أن يساهم في التمويل؟
أصبحت مسألة الدول المسؤولة عن تقديم التمويل موضع جدل كبير في محادثات المناخ، حتى الآن، ويُتوقع أن تسهم الدول الغنية وحدها، لكنها تطالب بدخول بعض الدول الناشئة، مثل الصين، إلى قائمة المساهمين.
وتعارض الصين بشدة هذا الطلب، مشيرة إلى أنها تُصنّف كدولة نامية، وبالتالي لا تتحمل نفس المسؤولية التي تتحملها الدول الصناعية التقليدية، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا.
كما أثر فوز الرئيس السابق دونالد ترامب بالانتخابات الأمريكية أيضًا على محادثات المناخ، حيث كانت هناك تخوفات من توقف الولايات المتحدة عن مساهماتها، مما قد يسبب فجوة كبيرة في التمويل الدولي للمناخ.
ومن الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة قدمت نحو 10 مليارات دولار من التمويل الدولي العام الماضي، مقارنةً بمساهمة الاتحاد الأوروبي البالغة 31 مليار دولار، مما يثير تساؤلات حول حجم التمويل المطلوب من الولايات المتحدة.
التكلفة المالية المطلوبة والتحديات المقبلة
تشير تقديرات إلى أن البلدان النامية تحتاج إلى أكثر من تريليون دولار سنويًا لتحقيق أهدافها المناخية، إلا أن الدول المانحة لم تحدد بعد مبلغًا واضحًا للهدف الجديد.
ومن جانبها، دعت الدول العربية إلى وضع هدف تمويلي يبلغ 1.1 تريليون دولار سنويًا، على أن تأتي 441 مليار دولار منها من حكومات الدول المتقدمة في شكل منح.
ما دول أخرى، مثل الهند والدول الأفريقية، فتطالب بتأمين تريليون دولار سنويًا، لكنها تختلف في رؤيتها بشأن نسبة التمويل التي يجب أن تتحملها الحكومات الغنية.
ومع ذلك، يرى بعض الدبلوماسيين أن ميزانيات الدول الغنية تعاني بالفعل من ضغوط اقتصادية، وبالتالي فإن تحقيق زيادة كبيرة على مبلغ 100 مليار دولار قد لا يكون واقعيًا.
أهمية التوصل إلى اتفاق في قمة المناخ
بات تغير المناخ تحديًا مستمرًا مع زيادة الظواهر المناخية القاسية، مثل الفيضانات والجفاف والأعاصير، ويرى الخبراء أن التوصل إلى اتفاق بشأن التمويل هو خطوة أساسية، لأنه بدون تمويل كافٍ، قد تضطر الدول إلى تقديم خطط غير طموحة للحد من انبعاثات الكربون بحجة عدم توفر التمويل الكافي لتنفيذ خطط أكثر شمولية.
ويذكر أن أغلب استثمارات المناخ العالمية تركزت في اقتصادات كبرى مثل الولايات المتحدة والصين، فيما حصلت القارة الأفريقية على نسبة ضئيلة لا تتجاوز 2% من الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة على مدى العقدين الماضيين.
وفي ظل هذا الوضع، يرى قادة دول القارة الأفريقية أنه لا بد من التوصل إلى اتفاق يضمن تمويلًا كافيًا يمكن أن يسهم في تحسين توزيع الاستثمار.
آراء القادة في قمة المناخ
أعرب قادة العالم المشاركون في القمة عن آرائهم حول التمويل المناخي، إذ يرى رئيس وزراء ألبانيا، إيدي راما، أن بعض الدول لا تتخذ إجراءات جادة حول تغير المناخ، واصفًا الأمر بأنه يشبه “خطبًا بلا تأثير في عالم يمضي في عاداته القديمة”.
فيما شدد المبعوث الأمريكي للمناخ، جون بوديستا، على ضرورة العمل الفوري من أجل مستقبل آمن ونظيف.
ومن جانبه، قال رئيس وزراء جزر البهاما، فيليب ديفيس، إن الكوارث المناخية لم تعد حوادث منفردة، بل هي تحديات مشتركة بين الشعوب.
وبدوره، طالب رئيس وزراء جزر كوك، مارك براون، المجتمع الدولي باتخاذ خطوات ملموسة وسريعة لحماية مستقبل الأجيال القادمة.
المصدر: