وسط الضربات المتبادلة في إطار الحرب الإيرانية الإسرائيلية، أعلن جيش الاحتلال، اليوم الأربعاء، أن إحدى طائراته التي يتم التحكم بها عن بعد تعرضت لإطلاق صاروخ سطح جو من الأراضي الإيرانية. ورغم أن الصاروخ لم يصب الطائرة التي سقطت لاحقًا داخل إيران، إلا أن استخدام هذا المصطلح العسكري الدقيق أثار تساؤلات واسعة حول أنواع صواريخ الدفاع الجوي والفرق بينها، خاصة بين مصطلحي “سطح-جو” و”أرض- جو”.
على الرغم من أن المصطلحين يُستخدمان أحيانًا بالتبادل، إلا أن هناك فارقًا تقنيًا دقيقًا بينهما يحدد طبيعة المنصة التي يتم إطلاق السلاح منها.
هو المصطلح الأشمل والأعم، والذي يشير إلى أي صاروخ يتم إطلاقه من أي “سطح” لمواجهة هدف جوي (طائرة، صاروخ آخر، أو مسيّرة). هذا “السطح” يمكن أن يكون بريًا (أي من الأرض)، أو بحريًا، كأن يتم إطلاقه من على متن سفينة حربية أو غواصة. وبالتالي، فإن استخدام جيش الاحتلال لهذا المصطلح يترك الباب مفتوحًا أمام احتمالية أن يكون الإطلاق قد تم من منصة بحرية إيرانية.
هذا المصطلح أكثر تحديدًا، ويُعتبر فئة فرعية من صواريخ “سطح- جو”. ووفقًا لموقع “جينز ديفينس” المتخصص في المعلومات العسكرية، فإنه يصف الصواريخ التي تُطلق من منصات أرضية فقط لمواجهة أهداف جوية. وتُعد منظومة باتريوت الدفاعية الأمريكية أشهر مثال على هذا النوع من الصواريخ.
وبالعودة إلى الحادثة الأخيرة، ذكر بيان جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه تم “إطلاق صاروخ سطح- جو على طائرة تابعة للقوات الجوية يتم التحكم بها عن بعد وسقوطه في المجال الجوي الإيراني ولم تقع إصابات”، مما يؤكد استمرار المواجهة العسكرية المباشرة.
تم تطوير صواريخ الدفاع الجوي في الأساس لحماية المواقع الأرضية من الهجمات الجوية، وتحديدًا ضد القاذفات الاستراتيجية التي تحلق على ارتفاعات شاهقة خارج مدى المدفعية التقليدية المضادة للطائرات. وتعتمد هذه الصواريخ الموجهة بشكل أساسي على أنظمة توجيه بالرادار أو بالأشعة تحت الحمراء لتحديد أهدافها وتدميرها.
وخلال حقبة الحرب الباردة في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، شكلت بطاريات صواريخ “نايكي” أرض- جو الأمريكية الدرع الدفاعي الاستراتيجي ضد الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والقاذفات السوفيتية بعيدة المدى.
لكن بعد توقيع اتفاقيات الحد من الأسلحة الاستراتيجية وتفكك الاتحاد السوفيتي، تحول تركيز الأبحاث نحو تطوير صواريخ أخف وزنًا وأكثر قابلية للحمل والنقل، بهدف حماية القوات البرية أثناء تحركها في ساحات المعارك. وكان من أهم التطورات في هذا المجال دمج أنظمة تحكم في إطلاق النار قادرة على التمييز بين الطائرات الصديقة والمعادية (IFF).
ومنذ سبعينيات القرن الماضي، طورت معظم الدول الصناعية الكبرى أسلحة تكتيكية لحماية قواتها. وقد برزت الصواريخ المضادة للطائرات المحمولة على الكتف، أو ما يُعرف بأنظمة الدفاع الجوي المحمولة (MANPADS)، كسلاح فعال للغاية ضد الطائرات المقاتلة والمروحيات. ومن أشهر أمثلة هذه الفئة صاروخ ستينغر الأمريكي، الذي استخدمته القوات المعادية للسوفييت بفعالية كبيرة في الحرب في أفغانستان لإسقاط المروحيات السوفيتية.
لكن انتشار هذه الأسلحة ووقوعها في أيدي جماعات غير حكومية أثار قلقًا عالميًا بشأن تهديدها للطيران المدني. ففي عام 2002، تم إطلاق صاروخ “سام” على طائرة ركاب تابعة للكيان المحتل في أفريقيا، كما أسقط المتمردون عددًا من الطائرات الأمريكية خلال حرب العراق باستخدام هذه الأنظمة.
وكان يُعتقد أن خطر هذه الصواريخ يقتصر على الطائرات التجارية أثناء تحليقها على ارتفاعات منخفضة نسبيًا (خلال الإقلاع أو الهبوط). لكن هذه الفكرة تغيرت بشكل مأساوي في يوليو 2014، مع حادثة إسقاط الطائرة الماليزية MH17 فوق شرق أوكرانيا، والتي كانت تحلق على ارتفاع 33,000 قدم. تم استهداف الطائرة بصاروخ أرض- جو متطور من منظومة بوك (BUK) الروسية الصنع، مما أثبت أن امتلاك جهات غير حكومية لهذه الأسلحة المتطورة يشكل تهديدًا قاتلاً لجميع أنواع الطيران التجاري وعلى كافة الارتفاعات.