كشفت دراسة علمية حديثة ضمن الأبحاث المرتبطة بسلامة اللاعبين، أن ضربات الرأس في كرة القدم، حتى تلك التي لا تُسبب ارتجاجًا، قد تُحدث تغيّرات في كيمياء الدماغ ونشاطه الكهربائي.
الدراسة، التي نُشرت في مجلة Sports Medicine – Open، أجراها باحثون من جامعتي سيدني وجريفيث، وسلطت الضوء على التأثيرات “الخفيّة” لهذه الضربات التي قد تكون أكثر شيوعًا مما يعتقد البعض.
شملت الدراسة 15 لاعبًا هاويًا من الذكور تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عامًا، طُلب منهم تنفيذ 20 ضربة رأسية خلال 20 دقيقة باستخدام جهاز مُصمم خصيصًا لضمان السرعة والثبات، وبعد التمرين، خضع اللاعبون لتصوير بالرنين المغناطيسي وتحاليل دم دقيقة.
أظهرت النتائج تغيرات فورية في كيمياء الدماغ، وخاصة في المناطق المسؤولة عن التحكم في الحركة.
كما تم رصد انخفاض في النشاط الكهربائي للدماغ، إلى جانب ارتفاع ملحوظ في مؤشرات حيوية في الدم، مثل بروتيني GFAP وNFL، والمرتبطين بإصابات الدماغ والخرف.
وفي هذا السياق أكدت الدكتورة دانييل مكارتني، الباحثة في معهد لامبرت للعلاجات القنبية في جامعة سيدني، أن ضربات الرأس في كرة القدم تسببت باضطراب واضح على المستوى المجهري في خلايا الدماغ، رغم غياب أعراض إدراكية لدى اللاعبين.
أوضحت مكارتني أن هذه التغييرات تبدو خفية ولا تؤثر فورًا على القدرات المعرفية، لكنها دعت إلى إجراء دراسات أطول لفهم الأثر التراكمي المحتمل لهذه الضربات مع مرور الزمن.
وأضافت أن التحدي الأكبر يكمن في التمييز بين التأثيرات الناتجة عن ضربات الرأس في كرة القدم التي لا تسبب ارتجاجًا، وتلك الناتجة عن صدمات أقوى.
وبحسب الدكتور ناثان ديلانج، قائد البحث، فإن المستويات المرتفعة من المؤشرات الحيوية تشير إلى وجود خلل دقيق، لكنه قد يكون مؤشرًا مبكرًا لمشكلات دماغية مستقبلية، خصوصًا إذا تكررت مثل هذه الضربات على المدى الطويل.
تأتي هذه الدراسة في وقت يتزايد فيه الجدل في أستراليا حول السماح للأطفال بضرب الكرة بالرأس، ففي حين حظرت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة هذا السلوك لدى الأطفال، لم يتم بعد اعتماد سياسة موحدة في أستراليا، رغم قيام بعض الأندية بحظر ذلك بشكل مستقل.
أشار أوليفر لي يونج، لاعب كرة قدم هاوٍ من سيدني، إلى أن ضربات الرأس في كرة القدم المهارة أساسية في اللعبة، لكنه في الوقت نفسه أقر بأن نتائج الدراسة الجديدة تدفعه إلى التفكير مليًا بالمخاطر المحتملة.
وقال لي يونج: “من الصعب تخيّل كرة القدم من دون ضربات رأس، لكن ربما يجب التفكير مليًا عندما يتعلق الأمر بالأطفال”.
أكدت الدكتورة مكارتني في ختام حديثها أن هناك حاجة ملحة إلى ممارسة المزيد من الحذر، خاصة في تدريبات الشباب، داعية إلى تقليص عدد الضربات الرأسية في التدريبات وتقييم الأنماط المعتمدة حاليًا.
وقالت: “نتائجنا تُظهر أن ضربات الرأس في كرة القدم قد تكون ضارة حتى دون ظهور أعراض واضحة، ويجب أخذ هذه النتائج على محمل الجد”.
تُظهر هذه الدراسة أن ضربات الرأس في كرة القدم ليست مجرد تفاصيل تقنية في اللعبة، بل عامل قد يؤثر فعليًا على كيمياء الدماغ والصحة العصبية للاعبين، وبينما لا تزال الكثير من الأسئلة بحاجة إلى إجابات، تفتح هذه النتائج الباب أمام نقاش واسع حول سلامة اللاعبين، خصوصًا الناشئين، والدور المطلوب من الاتحادات الرياضية لاتخاذ تدابير وقائية تحمي أدمغة الجيل القادم من الرياضيين.
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
نحلة تتسبّب بوفاة الملياردير الهندي سانجاي كابور!
ليست للأضحية.. «لادوم» خراف سنغالية فاخرة يصل سعرها إلى 70 ألف دولار
بعد فرار 200 سجين باكستاني.. أشهر عمليات هروب السجناء في التاريخ