يونيو ٥, ٢٠٢٥
تابعنا
نبض
logo alelm
بعد فرار 200 سجين باكستاني.. أشهر عمليات هروب السجناء في التاريخ

شهدت مدينة كراتشي الساحلية جنوب باكستان، في وقت متأخر من أمس الاثنين، واحدة من أضخم حوادث الفرار من السجون في تاريخ البلاد، حيث تمكن ما يزيد عن 200 نزيل من الهرب في أعقاب وقوع مجموعة من الهزات الأرضية.

كانت إدارة السجن الواقع في حي مالير الفقير، والذي يضم مناطق سكنية وصناعية، سمحت للنزلاء كإجراء احترازي، بمغادرة زنازينهم والتجمع في فناء السجن.

فوضى واشتباكات

وفقًا لتصريحات وزير العدل بإقليم السند، ضياء الحسن لانجار، فإن الهزات الأرضية أثارت حالة من الهلع والفوضى العارمة بين النزلاء البالغ عددهم قرابة الألف شخص، مما جعل السيطرة عليهم بالغة الصعوبة. وفي ظل هذه الظروف الاستثنائية، استغلت مجموعة من السجناء الموقف، فقبيل منتصف ليل أمس وخلال الساعات الأولى من صباح اليوم، تمكنوا من الاستيلاء على أسلحة من حراس السجن، مما أدى إلى اندلاع تبادل لإطلاق النار داخل أسوار المنشأة. ونجح النزلاء بعد ذلك في اقتحام البوابة الرئيسية للسجن والفرار إلى جهات غير معلومة.

وقد أسفرت المواجهات المسلحة، بحسب ما أفاد به قائد شرطة إقليم السند، غلام نبي ميمون، عن مقتل سجين واحد على الأقل وإصابة ثلاثة من أفراد طاقم الحراسة بالسجن. من جهته، أعلن مراد علي شاه، رئيس وزراء الإقليم، أن السلطات الأمنية تمكنت حتى الآن من إعادة اعتقال حوالي 80 من السجناء الفارين، واصفًا قرار السماح للنزلاء بمغادرة زنازينهم في المقام الأول بأنه كان “تقديرًا خاطئًا” في ظل الظروف.

وأوضح قائد الشرطة أن غالبية السجناء الذين تمكنوا من الفرار كانوا محتجزين على ذمة جرائم بسيطة، بما في ذلك قضايا تتعلق بإدمان المخدرات. إلا أن رئيس الوزراء وجه تحذيرًا شديد اللهجة للفارين المتبقين، مؤكدًا أنهم سيواجهون اتهامات جنائية بالغة الخطورة، قد ترقى إلى مستوى قضايا الإرهاب، في حال عدم مبادرتهم بتسليم أنفسهم للسلطات. وشدد شاه على أن “الجرائم البسيطة التي كانوا متهمين بها ستتحول الآن إلى قضايا كبرى” بسبب واقعة الهروب.

أكبر عمليات هروب السجناء في التاريخ

نسلط في السطور التالية الضوء على أكبر وأشهر عمليات الفرار من السجون عبر التاريخ:

لغز ألكاتراز

قبل ما يزيد عن ستة عقود، شهد سجن ألكاتراز الشهير، المعروف بلقب “الصخرة” وحصانته التي كان يُعتقد أنها مانعة للفرار، واحدة من أكثر عمليات الهروب إثارة في التاريخ. ففي ليلة 11 يونيو 1962، نجح 3 نزلاء هم فرانك لي موريس والشقيقان كلارنس وجون أنجلين في الإفلات من هذا المعتقل الفيدرالي شديد الحراسة الواقع على جزيرة بخليج سان فرانسيسكو.

وبحلول صباح اليوم التالي، كان الثلاثة قد تواروا عن الأنظار، تاركين خلفهم في زنازينهم خدعة متقنة تمثلت في رؤوس من ورق معجن زُينت بشعر حقيقي وعيون مطلية لإيهام الحراس بوجودهم. ورغم العثور لاحقًا على طوافة بدائية الصنع، مكونة من معاطف مطر مطاطية، على إحدى الجزر القريبة، لم يُعثر على الهاربين أنفسهم قط، ليظل مصيرهم لغزًا غامضًا حتى يومنا هذا، ويُسجل كأبرز عمليات الفرار من السجن الذي آوى على مدى 29 عامًا أخطر مجرمي أمريكا، مثل آل كابوني وجيمس “وايتي” بولجر.

إفلات متكرر

نجح تيد بندي، المُدان بقتل ما لا يقل عن ثلاثين شابة أمريكية خلال حقبة السبعينيات، في الإفلات من قبضة السلطات مرتين. المحاولة الأولى وقعت في أسبن، كولورادو، خلال يونيو 1977، حيث كان يمثل نفسه قانونيًا في قضية قتل. مستغلاً فترة استراحة، قفز من نافذة مكتبة قانونية من ارتفاع يناهز تسعة أمتار. المثير للدهشة أن بعض سكان أسبن تعاملوا مع فراره بسخرية، حتى إن قمصانًا تحمل عبارات عنه ظهرت في المدينة، قبل أن يُعاد اعتقاله بعد ثمانية أيام.

لم يلبث بندي طويلاً حتى كرر فعلته في ديسمبر من العام ذاته. هذه المرة، شق طريقه عبر سقف زنزانته، وتسلل عبر قنوات التهوية، ليجد نفسه في شقة أحد السجانين حيث استبدل ملابسه. بعد ذلك، تمكن من التنقل جوًا وبرًا وباستخدام القطارات وصولاً إلى ولاية فلوريدا، حيث أُلقي القبض عليه مجددًا بعد شهرين من الهروب الثاني. وقد انتهت مسيرة بندي الإجرامية بتنفيذ حكم الإعدام فيه عام 1989.

نفق أسطوري

في صيف عام 2015، وعلى غرار أحداث فيلم “The Shawshank Redemption” شهدت المكسيك واحدة من أكثر عمليات الهروب إتقانًا، حين اختفى زعيم تهريب المخدرات الشهير خواكين “إل تشابو” غوزمان لويرا من أعتى أجنحة السجون المكسيكية حراسة. فبعد دخوله إلى دورة المياه في زنزانته، لم يظهر بعدها أبدًا. كشفت السلطات لاحقًا عن وجود فتحة دقيقة (بمساحة قدمين في قدمين) تؤدي إلى نفق احترافي يمتد لمسافة ميل كامل، وينتهي في موقع بناء بحي مجاور. هذا النفق المذهل، الذي تجاوز ارتفاعه خمسة أقدام وعرضه قدمين، كان مجهزًا بالكامل بأنظمة إضاءة وتهوية، وحتى دراجة نارية مثبتة على قضبان، يُرجح أنها استُخدمت في أعمال الحفر وإزالة الأتربة.

أثار هذا الهروب المتقن عملية مطاردة واسعة النطاق شاركت فيها كافة الأجهزة الأمنية المكسيكية، وبدعم من الولايات المتحدة. وبعد قرابة ستة أشهر من الفرار، انتهت رحلة “إل تشابو” الحرة باشتباك مسلح عنيف بالقرب من ساحل ولاية سينالوا، مسقط رأسه، حيث أُعيد القبض عليه. لاحقًا، تم تسليمه إلى الولايات المتحدة، حيث أُدين عام 2019 بتهم تتعلق بتزعم إمبراطورية لتهريب المخدرات، وصدر بحقه حكم بالسجن مدى الحياة.

الهروب الكبير

تظل واقعة “الهروب الكبير” من معسكر “ستالاج لوفت 3” النازي عام 1944، حيث نجح 76 طيارًا من قوات الحلفاء في الفرار، واحدة من أبرز ملاحم الشجاعة والإصرار في تاريخ الحرب العالمية الثانية. ورغم أن المعالجة السينمائية الشهيرة لهذه القصة، التي قام ببطولتها ستيف ماكوين، قد ابتعدت عن تفاصيل الواقعة الأصلية، إلا أن القصة الحقيقية بجرأتها وتخطيطها الدقيق لا تزال مصدر إلهام حتى يومنا هذا.

تُجسد هذه الحادثة، وغيرها من محاولات الإفلات الجريئة التي شهدتها السجون عبر التاريخ، كيف يمكن للإبداع البشري ورفض الاستسلام للظروف القاسية أن يولدا خططًا تتحدى أعتى التحصينات. وفي كثير من الأحيان، حتى وإن لم يُكتب لجميع المحاولات النجاح الكامل أو النجاة النهائية، فإن تصميم هؤلاء السجناء وإصرارهم على البحث عن مخرج، مستخدمين أي وسيلة متاحة، يحول قصصهم إلى روايات أسطورية تبرز قوة الإرادة الإنسانية في مواجهة اليأس والقهر.

شارك هذا المنشور:

السابقة المقالة

إنفوجرافيك| أرقام من أداء شباك التذاكر في المملكة

المقالة التالية

إنفوجرافيك| ثيو هيرنانديز.. الظهير الطائر يقترب من دوري روشن