يونيو ٥, ٢٠٢٥
تابعنا
نبض
logo alelm
ليست للأضحية.. «لادوم» خراف سنغالية فاخرة يصل سعرها إلى 70 ألف دولار

في ضاحية مباو الواقعة على بُعد 30 كيلومترًا شرق العاصمة السنغالية داكار، يستلقي «سونكو»، خروف من سلالة «لادوم»، بكل فخر وأناقة.

يُدلّك جلده الأبيض اللامع، وتُحقن عروقه بفيتامينات باهظة، فيما يربّت الراعي الشاب شيخ مصطفى سيك على عنقه الطويل كمن يلاطف صديقًا وفيًا لا مجرد حيوان أليف.

لكن سونكو، الذي يحمل اسم رئيس الوزراء، عثمان سونكو، لن يلقى مصير ملايين الخراف التي تُذبح في عيد الأضحى، بل سيظل حيًا، وربما يُكرّم في مسابقات الجمال، أو يُباع بسعر سيارة فاخرة.

ما الذي يجعل «لادوم» استثناءً؟

في حين يتأهب المسلمون في مختلف أنحاء العالم للاحتفال بعيد الأضحى، تستعد سلالة «لادوم» في السنغال لموسم استعراض فخم، لا للتضحية. فهذه الخراف ليست عادية: طويلة، وضخمة، وبقرون متناظرة وشعر أبيض لامع، وتُعامل كما لو كانت نجوم عروض أزياء. وقد يصل سعر الواحد منها إلى 70 ألف دولار، في بلد لا يتجاوز فيه متوسط دخل الفرد 1600 دولار سنويًا، بحسب بيانات البنك الدولي لعام 2023.

الأمر أشبه بما يمكن تسميته «اقتصاد الخراف الفاخرة». فـ«لادوم» ليست فقط سلالة نادرة، بل أصبحت رمزًا للوجاهة الاجتماعية والتباهي، خصوصًا بين رجال الأعمال والسياسيين وحتى لاعبي كرة القدم. وخلافًا لما تقتضيه المناسبة الدينية، لا تُشترى هذه الخراف للأضحية غالبًا، بل لجمالها ومكانتها.

من يُدلّل الخراف ولماذا؟

«تحتاج إلى الحب والصبر لتربي خروفًا من هذه السلالة»، يقول سيك، الشاب البالغ من العمر 24 عامًا، وهو يحدّق في خروفه «سونكو» بعينين تشعّان فخرًا.

يضيف: «مثل صاحبه، كان مقاتلًا وأملًا لنا». فالخروف وُلد حين كان عثمان سونكو لا يزال خلف القضبان، قبل أن يتحول إلى زعيم البلاد الجديد.

هذه العلاقة العاطفية الغريبة بين المربي وخروفه تتجاوز حدود الوظيفة. فالخراف هنا تُدلّل، ويُسرّح فرائها، وتُغذّى بمكملات غذائية مخصصة، وتعيش في حظائر تزينها صور الأبطال السابقين من نسل «لادوم»، تمامًا كما تُعلّق صور أبطال الرياضة أو الفنانين في غرف المراهقين.

هل هو هوس أم استثمار؟

بالنسبة للبعض، مثل بالا جادياجا، صاحب مزرعة «باي شيخ»، لا تتعلق المسألة فقط بالحب، بل أيضًا بالاقتصاد. يقول جادياجا: «زبائني يأتون من نيجيريا، وجامبيا، ومالي… السوق ممتد في كل الاتجاهات».

يربت بيده على خروفه المفضل «بي آر تي» -تيمنًا بحافلات العاصمة الكهربائية- ويشرح: «إنه ذو قياسات مثالية، وجمال استثنائي. سعره 40 ألف دولار، وهذا يُعد صفقة جيدة».

في بلد لا تزال فيه نسب الفقر والتضخم مرتفعة، تثير هذه الأرقام جدلًا واسعًا. إذ كيف يعقل أن تُنفق عائلة ما يزيد عن راتب عشر سنوات على خروف واحد؟

في السياق نفسه، يتراوح سعر الخروف العادي بين 280 و400 دولار، ما يجعل العيد عبئًا ماليًا على أغلب السنغاليين.

ما دلالة هذا الترف الحيواني؟

ظاهرة «خراف العرض» في السنغال تتجاوز مجرد مفارقة اقتصادية. إنها تكشف عن تحوّل في طبيعة الرموز الاجتماعية، وعن استثمار عاطفي وثقافي جديد في الحيوان، لا باعتباره قربانًا، بل كامتداد لذات المربي وذوقه ومكانته.

تُعامل هذه الخراف كما تُعامل الخيول الأصيلة أو الكلاب النادرة في بعض الثقافات. والمثير أن هذه العناية ليست مظهرًا عابرًا، بل تدخل ضمن ما بات يُعرف بـ«اقتصاد الجمال الحيواني» الذي يجذب المهتمين بالعروض والمسابقات، ويعيد تشكيل علاقة الإنسان بالحيوان.

لكن في مجتمع لم يتعافَ تمامًا من أزماته الاقتصادية والاجتماعية، تبقى المفارقة حادة: خروف واحد قد يُكلّف ما يكفي لبناء مدرسة أو مستوصف صغير.

اقرأ أيضًا:

مواعيد صلاة عيد الأضحى في السعودية 1446 هجريًا 2025 ميلاديًا

هل الببغاوات تفهم فعلا ما تقوله؟

قرية زبالا.. شاهدة على الحضارة في شمال السعودية

شارك هذا المنشور:

السابقة المقالة

تصاعد الأزمة بين بريطانيا وأبراموفيتش بسبب تشيلسي

المقالة التالية

من هو لي جاي ميونج رئيس كوريا الجنوبية الجديد؟