لعبت قاذفة الشبح B-2 سبيريت دور البطل الهجمات الأمريكية على إيران والتي نفذتها الولايات المتحدة مساء أمس السبت، فقد أكد الرئيس دونالد ترامب أن بلاده استخدمت أسطولها من القاذفة لتنفيذ الهجمات الأمريكية على إيران. ولم يؤكد هذا الإعلان فقط دخول واشنطن الرسمي في الصراع، بل كشف أيضًا عن استخدام أسلحة استراتيجية، بما في ذلك قنابل خارقة للتحصينات، لضرب قلب البرنامج النووي الإيراني.
أعلن الرئيس ترامب في خطاب متلفز أن الهجمات الأمريكية على إيران كانت “نجاحًا عسكريًا باهرًا”، وأنها استهدفت ثلاثة مواقع نووية رئيسية هي نطنز وأصفهان، مع تركيز خاص على منشأة فوردو. ويكمن سر اختيار قاذفة B-2 لهذه المهمة في قدرتها الحصرية على حمل قنبلة GBU-57 A/B Massive Ordnance Penetrator (MOP)، وهي قنبلة تزن 30 ألف رطل ومصممة خصيصًا “للوصول إلى أسلحة الدمار الشامل وتدميرها في منشآت محمية جيدًا”، بحسب القوات الجوية الأمريكية.
وظلت منشأة فوردو الإيرانية، المدفونة على عمق يصل إلى 90 مترًا تحت جبل قرب مدينة قم، دائمًا التحدي الأكبر لأي هجوم عسكري خصوصًا في ظل عدم امتلاك الكيان المحتل للقنبلة المخصصة لضربها أو الطائرات القادرة على إطلاقها، ولذلك فإن استهداف هذا الموقع تحديدًا كان يتطلب قرارًا ومشاركة أمريكية مباشرة، وهو ما تحقق في الهجمات الأمريكية على إيران الأخيرة.
تُعد قاذفة الشبح B-2 سبيريت، التي تبلغ قيمة الطائرة الواحدة منها أكثر من ملياري دولار، درة تاج القوات الجوية الأمريكية وواحدة من أكثر الطائرات تطورًا في الترسانة الأمريكية على الإطلاق. وُلدت هذه الطائرة من رحم الحرب الباردة، حيث صُممت في الأصل لتكون قادرة على اختراق الدفاعات الجوية السوفيتية المنيعة وإيصال حمولتها من الأسلحة التقليدية أو النووية إلى أي مكان في العالم.
ورغم أن سقوط جدار برلين أنهى الحرب الباردة بعد وقت قصير من تحليقها الأول عام 1989، إلا أن “الشبح B-2” خاضت نصيبها من المعارك. سُلمت أول طائرة عام 1993 إلى قاعدة وايتمان الجوية في ميسوري، حيث لا يزال أسطولها المكون من 20 طائرة فقط يتمركز حتى اليوم. وكان أول استخدام قتالي لها خلال حرب كوسوفو عام 1999، حيث كانت تحلق دون توقف من قاعدتها في ميسوري لضرب أهداف صربية. لاحقًا، نفذت مهام أبعد مدى لضرب أهداف في أفغانستان في الأيام الأولى لعملية “الحرية الدائمة” عام 2021، كما انطلقت مؤخرًا لضرب أهداف للحوثيين في اليمن.
يكمن سر قوة B-2 في “تقنية الملاحظة المنخفضة” أو تقنية التخفي، وهي مجموعة من التقنيات التي تجعل رصدها بالرادار شبه مستحيل. وتشمل هذه الميزات، التي لا يزال الكثير منها سريًا:
الشكل.. إذ تم تصميم “الجناح الطائر” الفريد يخلو من أي أسطح عمودية كبيرة (مثل الذيل)، وقد صُمم سطحه الأملس لتشتيت موجات الرادار بعيدًا عن مصدرها، مما يجعل بصمتها على الرادار بحجم طائر صغير.
مواد الهيكل والطلاء.. يُغطى هيكلها بمواد وطلاءات خاصة قادرة على امتصاص موجات الرادار بدلاً من عكسها.
إخفاء المحركات.. تم إخفاء محركاتها الأربعة في الجزء الخلفي من الهيكل لتجنب إصدار أي بصمة حرارية يمكن للأنظمة الموجهة بالأشعة تحت الحمراء رصدها. كما استُخدمت بالقرب من عوادم المحرك نفس أنواع البلاط الماص للحرارة التي حمت مكوك الفضاء أثناء عودته إلى الغلاف الجوي.
الهدوء.. تتميز الطائرة بهدوء شديد، حيث لا يُسمع صوتها إلا بعد مرورها فوق الهدف. كما أنها يمكنها استيعاب حمولة قدرها 40 ألف طن إلى جانب التزود بالوقود جوًا.
البقاء في الهواء لمدة طويلة.. تستمر مهام B-2 لمدة تصل إلى 44 ساعة متواصلة – مثل الرحلة التي تم تنفيذها في عام 2001 من ميسوري إلى أفغانستان خلال عملية الحرية الدائمة – ولهذا السبب توجد مساحة مسطحة خلف قمرة القيادة حيث يمكن لأحد الطيارين الراحة، إلى جانب مرافق لتخزين وتسخين الطعام، بالإضافة إلى مرحاض.
ولكن هذه القدرات لا تعمل بشكل دائم، بل يقوم الطاقم المكون من شخصين بتفعيلها عند الاقتراب من منطقة التهديد عبر الضغط على زر يُعرف بـ “PEN” (لاختراق دفاعات العدو، لتتحول الطائرة إلى شبح شبه غير مرئي.