تزداد مشكلة الأمن الغذائي حول العالم منذ عام 2018، وزادها أكثر غزو روسيا لأوكرانيا والتغيرات المناخية المتصاعدة والصراعات الإقليمية وانتشار جائحة فيروس كورونا.
تسبب كل هذا في أضرار متوالية، ما أدى إلى اضطرابات في إنتاج الغذاء وتوزيعه، فضلًا عن رفع تكاليف توفير الطعام للأفراد والأسر في مختلف دول العالم.
أصبح الأمر خطرًا محدقًا بأرواح وأرزاق عدد غير مسبوق من البشر بلغ 345 مليون نسمة، وهناك أكثر من 828 مليون نسمة حول العالم ينامون جوعى كل ليلة، وفقًا لبرنامج الأغذية العالمي.
بلدان أكثر تضررًا من أزمة الغذاء العالمية
تبلغ المعاناة أسوأ درجاتها في 48 بلدًا، كثير منها يعتمد إلى حد كبير على الواردات من أوكرانيا وروسيا، ومعظمها بلدان منخفضة الدخل، وقرابة نصف هذه البلدان معرضة إلى حد كبير للتأثر بهذه الصدمة، نظرًا لما تواجهه من تحديات اقتصادية حادة ومن ضعف في المؤسسات وما تتسم به من هشاشة.
ونتيجة لذلك، استحدث صناع السياسات في كثير من البلدان تدابير مالية لحماية المواطنين من أزمة الغذاء الحالية. وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن البلدان شديدة التعرض تحتاج في العام الحالي وحده إلى ما يصل إلى 7 مليارات دولار لمساعدة أفقر الأسر على الصمود.
الاستجابة السريعة لأزمة الغذاء العالمية
هناك حاجة للقيام بتحرك قوي وعاجل على مستوى السياسات في أربعة مجالات، بغية التخفيف من أزمة الغذاء العالمية وتجنب المعاناة الإنسانية.
أولا.. الدعم العاجل والكافي للمواطنين المعرضين لانعدام الأمن الغذائي عن طريق المساعدات الإنسانية من برنامج الأغذية العالمي وغيره من المنظمات، إلى جانب التدابير المالية المحلية الفعالة: فينبغي لصناع السياسات حول العالم إعطاء أولوية لمكافحة التضخم وحماية الفئات الأشد تعرضا من أجل تخفيف العبء الذي تفرضه أزمة تكلفة المعيشة. وينبغي أن تركز المساعدات الاجتماعية قصيرة المدى على تقديم إغاثة غذائية أو تحويلات نقدية عاجلة للفقراء، مثلما فعلت مؤخرا كل من جيبوتي وهندوراس وسيراليون. وإذا تعذر ذلك، يمكن أن يكون ثاني أفضل الحلول هو تقديم إغاثة مؤقتة من خلال الدعم والتدابير الضريبية.
ثانيا.. الحفاظ على الانفتاح التجاري، بما في داخل المناطق، للسماح بتدفق الغذاء من المناطق ذات الفوائض إلى المناطق ذات الاحتياج: وينبغي البناء على التقدم الذي تحقق في ظل مبادرة حبوب البحر الأسود وفي المؤتمر الوزاري الثاني عشر لمنظمة التجارة العالمية عن طريق التعجيل بإلغاء حظر التصدير الذي فرضه منتجو الغذاء الرئيسيون. فالتدابير الحمائية لا تؤدي إلا إلى تفاقم أزمة الغذاء، متسببة فيما يصل إلى 9% من زيادة أسعار القمح العالمية، طبقا لما أعلنه البنك الدولي.
ثالثا.. زيادة إنتاج الغذاء وتحسين التوزيع، بما في ذلك عن طريق ضمان الوصول الكافي للأسمدة وتنويع المحاصيل: تكتسب زيادة تمويل التجارة وتعزيز سلاسل الإمداد أهمية بالغة في معالجة صدمة أسعار الغذاء الحالية. ويقوم البنك الدولي وبنوك التنمية متعددة الأطراف الأخرى بدور رئيسي في هذا الصدد إذ إنها تزيد من التمويل التجاري للسلع الزراعية وغيرها من المنتجات الغذائية وتدعم البلدان في الحصول على اللوجستيات الضرورية وتحقيق التحسينات اللازمة في بنيتها التحتية.
رابعا.. ضرورة الاستثمار في الزراعة القادرة على تحمل تغير المناخ لزيادة المحاصيل في المستقبل: تؤدي زيادة كثافة الأحداث المناخية وعدم القدرة على التنبؤ بها إلى زيادة مطردة في انعدام الأمن الغذائي. والبلدان منخفضة الدخل، ولا سيما في إفريقيا جنوب الصحراء، من بين البلدان الأقل تأهبا لمواجهة آثار تغير المناخ. وينبغي تصميم الحلول بما يتلاءم مع ظروف كل بلد، مع التركيز على التدابير منخفضة التكلفة بالغة التأثير، كالاستثمار في أصناف جديدة من المحاصيل، وتحسين إدارة المياه، ونشر المعلومات. فعلى سبيل المثال، تعمل كل من إثيوبيا وكينيا ورواندا على الاستفادة من تكنولوجيا الأجهزة المحمولة لتزويد المزارعين بتنبؤات عن كمية الأمطار لزراعة المحاصيل على النحو الأمثل وشراء التأمين اللازم لها.
أين موقعك في هرم الثروة العالمية؟ التقرير الأحدث يجيبك والأرقام “مُذهلة”
أزمة الطاقة في أوروبا.. كيف يمكنها تهديد الاقتصاد وما الحلول؟