يونيو ١١, ٢٠٢٥
تابعنا
نبض
logo alelm
ابتكار طلاء ذكي يتغير لونه حسب الطقس لمواجهة تغير المناخ

في عالم تتسارع فيه تداعيات تغير المناخ، لا تقتصر الحلول على السياسات الدولية والطاقة النظيفة فقط، ومن هذا المنطلق، توصل مخترع ومصمم أمريكي إلى ابتكار نوع جديد من طلاء ذكي يتغير لونه حسب درجة الحرارة، ما قد يسهم في تقليل استهلاك الطاقة والتأقلم مع الفصول المتغيرة بطريقة مبتكرة ومستدامة.

اللون الخارجي وتأثيره على استهلاك الطاقة

عند انتقاله لمنزل جديد في كاتونا، نيويورك، بدأ المخترع جو دوسيه يتساءل عن تأثير لون الطلاء الخارجي للمنزل على درجات الحرارة الداخلية، فتقليديًا تعكس الألوان الفاتحة الحرارة بينما تمتصها الألوان الداكنة، وهو ما يتجلى بوضوح في المنازل الاسكندنافية السوداء مقارنة بنظيرتها البيضاء في المتوسط. لكن ما هو الحل في مناطق ذات مناخ متقلب.

قام دوسيه بإجراء تجارب على نماذج ثلاثية الأبعاد لمنزله مطلية بألوان مختلفة، ووجد أن النموذج الأسود حافظ على دفء أعلى في الشتاء، بينما أبقت النسخة البيضاء الداخل أكثر برودة صيفًا، ولذلك فإن الفكرة المثالية هي أن يكون الطلاء أسودًا شتاءً وأبيض صيفًا، وهو ما بدا مستحيلًا حتى اخترع نوعًا من طلاء ذكي يحقق ذلك.

طلاء يتفاعل مع الحرارة مستوحى من خاتم المزاج

استلهم دوسيه فكرته من “خاتم المزاج” الذي كان شائعًا في الطفولة، ويغير لونه وفقًا لدرجة حرارة الجسم، واعتمد نفس المبدأ العلمي في تطوير طلاء ذكي يستخدم “الاستجابة الحرارية اللونية” (Thermochromism)، وهي خاصية تُمكِّن البلورات السائلة من تغيير اللون عند تغير درجة الحرارة.

بدأ بتجارب أولية عبر دمج البلورات مع طلاء تجاري، ومعالجة تحديات مثل التحلل بفعل الأشعة فوق البنفسجية، وبعد عامين من العمل، نجح في إنتاج مادة طلاء تتغير تدريجيًا من الرمادي الداكن في درجات الحرارة المنخفضة إلى لون أفتح عند ارتفاع الحرارة، وقدم براءة اختراع بهذا الابتكار الواعد.

فعالية اقتصادية وتأثير بيئي محتمل

يرى دوسيه أن الطلاء الذكي لن يكون ذا جدوى في المناطق ذات المناخ الثابت كالصحراء أو المناطق القطبية، لكنه قد يكون حلاً عمليًا في المناطق ذات الطقس المعتدل مثل شمال أمريكا وأجزاء من أوروبا وآسيا.

وقد يساعد المنازل على توفير بين 15% و30% من تكاليف الطاقة عبر تقليل الاعتماد على التكييف أو التدفئة، وتُظهر البيانات أن تشغيل المباني يستهلك نحو 30% من الطاقة العالمية، ومن هذا المنطلق فإن استخدام طلاء ذكي يمثل خطوة صغيرة لكنها فعالة ضمن منظومة متكاملة من الإجراءات لمكافحة تغير المناخ.

تغير الفصول… وتغير شكل المباني

ما يميز هذا الطلاء أيضًا، بحسب دوسيه، ليس فقط فائدته العملية، بل أيضًا تأثيره الجمالي، إذ يُضفي بعدًا شعريًا على البيئة المبنية، تخيل منزلًا يتحول لونه إلى الأزرق الداكن في الشتاء، ثم يصبح أزرقًا فاتحًا في الصيف، وكأن المبنى يُجاري تغيرات الطبيعة من حوله.

ولأن المادة المستخدمة في الطلاء الذكي قابلة للتعديل، يمكن برمجة اللون للتحول بين أي طيف لوني مرغوب، وليس فقط الأبيض والأسود، مما يفتح المجال أمام تطبيقات معمارية وفنية جديدة.

عقبات في طريق التسويق والانتشار

رغم تفاؤله، يُقر دوسيه بأن إدخال هذا الابتكار إلى السوق لن يكون سهلًا، خاصة في ظل مناخ سياسي غير مستقر، فإن سياسات البيئة في الولايات المتحدة تتأرجح بين دعم مشاريع الطاقة النظيفة وتقييدها، ما يؤثر على ثقة المستثمرين.

يأمل دوسيه أن يتمكن من طرح الطلاء الذكي في السوق خلال 5 إلى 10 سنوات، معتمدًا على استجابة الناس، خاصةً في ظل تزايد الوعي بتغير المناخ والحاجة إلى حلول مستدامة ومبتكرة.

تطبيقات أوسع من المنازل

رغم أن الفكرة بدأت كحل لمشكلة شخصية في منزل واحد، يرى دوسيه أن إمكانات الطلاء الذكي تتجاوز ذلك بكثير. يمكن استخدامه في المدارس، المصانع، والمباني الحكومية، وحتى في السيارات أو الحاويات التي تحتاج إلى تحكم حراري ذاتي، ولكن على الرغم من الحماسة، يشدد على أن الابتكار ليس الحل النهائي لأزمة المناخ، بل هو جزء من سلسلة طويلة من الابتكارات المطلوبة.

وأكد دوسيه أنالطلاء الذكي يفتح آفاقًا جديدة للتصميم المستدام، ويؤكد أن التغيير يبدأ من التفاصيل الصغيرة، حتى لو كانت مجرد لون على جدار.

يمكنك أن تقرأ أيضًا:

موجات حر بحرية تضع آخر نهر جليدي استوائي على حافة الانقراض

علماء يطورون نوعًا من البلاستيك القابل للتحلل خلال ساعات

الحشرات.. معلومات عن أكثر الكائنات شيوعًا على الأرض

شارك هذا المنشور:

السابقة المقالة

لماذا تُعد لوس أنجلوس بؤرة لاضطرابات الهجرة؟

المقالة التالية

ما هو الانقلاب الصيفي؟ ولماذا يحدث؟