كان العالم بعد الحرب العالمية الأولى في دمار وخيبة أمل وتشتت، هذا المشهد كان في حاجة إلى عالم سلمي تمثله منظمة أو مجموعة دبلوماسية دولية لحل النزاعات بين الدول قبل انخراطها في حرب مفتوحة.
نشأت عصبة الأمم في خطاب الرئيس الأمريكي، وودرو ويلسون، الذي حدد المبادئ الـ14 التي تقوم عليها هذه المنظمة، وبعدها توجه إلى باريس ليحول هذه المبادئ إلى ما سيصبح معاهدة فرساي، وفي عام 1919 تم وضع هيكل وعملية العصبة في ميثاق طورته جميع الدول المشاركة في مؤتمر باريس للسلام، وبدأت العصبة عملها التنظيمي في خريف عام 1919، وقضت الأشهر الـ10 الأولى في مقرها الرئيسي في لندن قبل الانتقال إلى جنيف، ودخل ميثاق عصبة الأمم حيز التنفيذ في 10 يناير 1920، بانضمام 48 دولة.
ضمت العصبة بعد ذلك عدة أعضاء جدد، ونجحت في التوسط في النزاعات الدولية الصغيرة، ولكن غالبًا ما تم تجاهلها من قبل القوى الكبرى، ومع ذلك، لم تواجه سلطة العصبة تحديًا بشكل جدي حتى أوائل الثلاثينيات، عندما كشفت سلسلة من الأحداث أنها غير فعالة.
انسحبت اليابان ببساطة من المنظمة بعد إدانة غزوها للصين، وكانت العصبة أيضًا عاجزة عن منع إعادة تسليح ألمانيا والغزو الإيطالي لإثيوبيا.
جهود عصبة الأمم
تشمل جهود العصبة الأخرى بروتوكول جنيف، الذي تم وضعه في عشرينيات القرن الماضي للحد مما يُفهم الآن على أنه أسلحة كيميائية وبيولوجية. ومن جهودها أيضًا مؤتمر نزع السلاح العالمي في الثلاثينيات، والذي كان يهدف إلى جعل نزع السلاح حقيقة واقعة، لكنه فشل بعد انفصال أدولف هتلر عن الحرب العالمية الثانية.
في عام 1920، أنشأت العصبة لجنة الانتداب المكلفة بحماية الأقليات، وقد تعاملت فرنسا وبلجيكا بجدية مع اقتراحاتها بشأن إفريقيا، لكن جنوب إفريقيا تجاهلتها، وفي عام 1929، ساعدت لجنة الانتداب العراق على الانضمام إلى العصبة.
كما انخرطت لجنة الانتداب في التوترات بين اليهود والفلسطينيين، على الرغم من صعوبة الحفاظ على السلام بسبب الاضطهاد النازي لليهود، مما أدى إلى زيادة الهجرة إلى فلسطين.
لماذا فشلت عصبة الأمم؟
في عام 1940، سقط أعضاء العصبة، الدنمارك، والنرويج، ولوكسمبورغ، وبلجيكا، وهولندا، وفرنسا أمام هتلر، وأصبحت سويسرا متوترة بشأن استضافة منظمة يُنظر إليها على أنها منظمة حليفة، وبدأت العصبة في تفكيك مكاتبها.
سرعان ما أيد الحلفاء فكرة الأمم المتحدة، التي عقدت مؤتمرها التخطيطي الأول في سان فرانسيسكو عام 1944، ما أنهى فعليًا أي حاجة لعصبة الأمم بعد الحرب.
في عام 1946 تم حل عصبة الأمم رسميًا مع إنشاء الأمم المتحدة، وتشكلت الأمم المتحدة على غرار السابق ولكن مع زيادة الدعم الدولي والآليات الواسعة لمساعدة الهيئة الجديدة على تجنب تكرار إخفاقات العصبة.
