كشفت دراسة بحثية حديثة عن وجود صلة محتملة ومثيرة للقلق بين استهلاك القهوة سريعة التحضير وزيادة خطر الإصابة بالضمور البقعي المرتبط بالعمر (AMD)، وهو مرض خطير يصيب العين ويؤدي إلى تدهور الرؤية المركزية. ورغم أن الباحثين دعوا إلى توخي الحذر، إلا أن نتائجهم الأولية تشير إلى أن الأشخاص الذين لديهم تفضيل لهذا النوع من القهوة قد يكونون أكثر عرضة للمرض بما يصل إلى سبع مرات مقارنة بغيرهم.
وبحسب ما نشرته صحيفة “ديلي ميل” فغن هذا البحث الصيني يأتي ليضيف بعدًا جديدًا للنقاش العلمي حول تأثيرات القهوة على الصحة، حيث يسلط الضوء لأول مرة على الفروقات المحتملة بين أنواع القهوة المختلفة وتأثيرها على صحة العيون، وهو ما قد يغير من النصائح الطبية المقدمة للمرضى المعرضين لخطر هذا المرض.
يُعد الضمور البقعي المرتبط بالعمر حالة طبية شائعة، خاصة بين كبار السن، حيث يعاني منه حوالي شخص من كل عشرة أمريكيين فوق سن الخمسين. وينتج هذا المرض عن تآكل “البقعة”، وهي الجزء المركزي الصغير من شبكية العين المسؤول عن الرؤية الحادة والمركزية.
ويؤثر هذا التدهور بشكل مباشر على قدرة الأشخاص على القيام بالمهام اليومية مثل القراءة، والقيادة، والتعرف على وجوه الناس، حيث تصبح الرؤية المركزية مشوشة أو مشوهة. ولا يوجد علاج شافٍ لهذه الحالة حتى الآن، لكن التشخيص والبدء في العلاج مبكرًا يمكن أن يساعدا في إبطاء تطورها، وذلك عبر تناول مكملات غذائية معينة أو استخدام أدوية تبطئ نمو الأوعية الدموية غير الطبيعية في العين.
استخدم الباحثون الصينيون في دراستهم بيانات من البنك الحيوي البريطاني وتحالف “FinnGen”، واعتمدوا على منهجية جينية مبتكرة. فبدلاً من تتبع عادات شرب القهوة لدى المشاركين بشكل مباشر، قاموا بتقسيمهم إلى مجموعات بناءً على استعدادهم لتفضيل أنواع معينة من القهوة (سريعة التحضير، أو مطحونة، أو منزوعة الكافيين)، ثم قاموا بتحليل معدلات الإصابة بالضمور البقعي لدى كل مجموعة.
وأظهرت النتائج أن المجموعة ذات الاستعداد لتفضيل القهوة سريعة التحضير كانت أكثر عرضة بنسبة 692% للإصابة بالضمور البقعي الجاف، وأكثر عرضة بنسبة 159% للإصابة بالضمور البقعي الرطب. ويعتقد الباحثون أن السبب قد يكمن في طريقة تحضير القهوة سريعة التحضير، والتي قد تطلق مادة كيميائية تُعرف بـ”الأكريلاميد”، التي قد تدخل مجرى الدم وتتسبب في تلف شبكية العين.
وعلى الرغم من هذه النتائج المثيرة للقلق، شدد الباحثون على أن دراستهم هي دراسة “مراقبة”، وهي لا تثبت بشكل قاطع أن القهوة سريعة التحضير “تسبب” المرض، بل تشير فقط إلى وجود ارتباط محتمل يحتاج إلى مزيد من البحث.
ويزداد المشهد تعقيدًا عند النظر إلى دراسات سابقة أظهرت نتائج متناقضة. فقد أشارت بعض الأبحاث السابقة إلى أن القهوة قد تقلل من خطر الإصابة بالضمور البقعي. على سبيل المثال، ربطت دراسة أجريت عام 2023 بين شرب القهوة وزيادة سماكة طبقات الألياف العصبية في العين، مما يساعد على حماية الرؤية. وهذا التناقض يؤكد على أن العلاقة بين القهوة وصحة العيون لا تزال غير محسومة علميًا.