تكشف بيانات التجارة الأمريكية أن الولايات المتحدة تعتمد بشكل كبير على الموردين الأجانب لتلبية احتياجاتها من الأدوية الأساسية، حيث يتم استيراد 90% من الأدوية الموصوفة التي يتم استهلاكها في البلاد. وفي قلب سلسلة التوريد العالمية هذه، تلعب الصين دورًا محوريًا، حيث أصبحت على مدى العقدين الماضيين موردًا رئيسيًا للمكونات الصيدلانية الفعالة (APIs) والمنتجات الدوائية النهائية للسوق الأمريكي.
هذا الاعتماد المتزايد، الذي شهد ارتفاع واردات الأدوية بأكثر من ستة أضعاف منذ عام 2001، أثار مخاوف جدية بشأن أمن واستقرار سلسلة التوريد الدوائية في الولايات المتحدة، خاصة في ظل الاضطرابات العالمية التي قد تؤدي إلى نقص حاد في الأدوية الحيوية.
استنادًا إلى بيانات عام 2021 الصادرة عن مكتب الإحصاء ووزارة التجارة الأمريكية، كانت الصين المورد الرئيسي لواردات الأدوية إلى الولايات المتحدة من حيث الوزن، حيث شكلت 23% من إجمالي الواردات. ويتجلى هذا الاعتماد بشكل واضح في عدد من الأدوية الشائعة التي لا تستلزم وصفة طبية، والتي يعتمد عليها ملايين الأمريكيين يوميًا ومن أهمها:
الآيبوبروفين (Ibuprofen): تُزوّد الصين الولايات المتحدة بـ 95% من إجمالي وارداتها من هذه المادة، التي تُستخدم في مسكنات الألم ومضادات الالتهاب الشهيرة مثل أدفيل وموترين.
الأسيتامينوفين (Acetaminophen): يأتي 70% من واردات الولايات المتحدة من هذه المادة، المستخدمة كمسكن للألم وخافض للحرارة في أدوية مثل تايلينول ودايكويل، من الصين.
الهيدروكورتيزون (Hydrocortisone): تستحوذ الصين على 91% من واردات الولايات المتحدة من هذه المادة، التي تُستخدم في علاج الحساسية والالتهابات.
البنسلين (Penicillin): يتم أيضًا استيراد هذا المضاد الحيوي الحيوي بشكل أساسي من الشركات المصنعة الصينية.
لم يعد قطاع الأدوية استثناءً في الاقتصاد العالمي، فقد أصبحت المنتجات الصيدلانية الآن من بين أكثر السلع المستوردة إلى الولايات المتحدة. هذا الاتجاه المتزايد نحو الاعتماد على مصادر خارجية، وخاصة من الصين، يطرح تساؤلات استراتيجية حول مدى مرونة سلسلة التوريد الدوائية الأمريكية وقدرتها على الصمود في وجه الأزمات. وقد أبرزت الاضطرابات العالمية، مثل جائحة كوفيد-19، هذه المخاطر بشكل واضح، حيث يمكن للارتفاعات المفاجئة في الطلب على أدوية معينة أن تؤدي إلى نقص حاد في المعروض إذا ما واجهت سلسلة التوريد أي عوائق لوجستية أو جيوسياسية.
وبشكل عام، تُظهر البيانات أن سلسلة توريد الأدوية في الولايات المتحدة تعتمد بشكل حاسم على الموردين الأجانب، وتلعب الصين دورًا لا يمكن إغفاله في هذا النظام. هذا الاعتماد، خاصة في الأدوية الأساسية، يمثل نقطة ضعف استراتيجية محتملة تضع أمن الإمدادات الدوائية في الولايات المتحدة تحت رحمة استقرار العلاقات التجارية والظروف العالمية.