يُعتبر التغيير من سُنن الحياة وهو أمر مستمر وثابت، وقد يكره البعض التغيير لأنه غالبًا ما يتطلب الخروج من منطقة الراحة والأمان، واستكشاف مناطق أخرى جديدة تمامًا.
لكن القدرة على التكيف التي تتضمن اعتماد سلوكيات وأفكار وعواطف جديدة، يمكن أن تساهم في دعم الصحة العقلية.
قانون “لوغوس”
لاحظ الفيلسوف اليوناني القديم هيراقليطس، أن العالم الطبيعي كان في حالة حركة مستمرة وتغير دائم، يتقدم الناس في السن، ويطورون عاداتهم وينتقلون من بيئة إلى أخرى.
حتى في الطبيعة تتغير الأشياء باستمرار، ولذلك أطلق على هذا القانون العالمي للتغيير اسم “لوغوس”، وربطه بثلاثة معتقدات مركزية وهي:
*كل شيء يخضع لتغيير مستمر.
*توحيد الأضداد، ويعني أنه لا يمكن أن يوجد عكس الشيء إلا بسبب التغيير في الشيء الأصلي.
*كل شيء موجود وغير موجود في نفس الوقت، إذ إنه بتغير الأشكال لا يُعد الشيء موجودًا، ولكن المادة الأصلية موجودة.
وبحسب هيراقليطس، ووفقًا لنظريته فإن الشيء الوحيد الذي لن يتغير أبدًا هو وجود التغيير نفسه.
كيف تتكيف مع التغيير؟
ليس عليك أن تحب التغيير لتتمكن من قبوله، ولكن بعض التعديلات الصغيرة يمكن أن تجعل التغيير أقل إيلامًا على المدى الطويل، ومنها:
العثور على داعمين
تقترح كيت شرودر، وهي مستشارة مهنية معتمدة من سانت لويس بولاية ميسوري، إيجاد وإحاطة نفسك بأشخاص يمكنهم دعمك خلال فترات التغيير.
“الطريقة الأولى لتحسين القدرة على التكيف، هي العثور على شبكة داعمة يمكنك التعلم منها والاعتماد عليها طوال حياتك، والتحولات التي من المؤكد أنها ستتكشف”، كما تقول.
إدراك الذات
هل سألت نفسك يومًا لماذا التغيير غير مريح؟ تقول الدكتورة جين هاردي، عالمة النفس المعتمدة من ماريفيل بولاية تينيسي، إن التوافق مع سبب مقاومة التغيير قد يكون مفيدًا.
“عندما ندرك أن الأمر ناتج عن مزاجنا أو تجاربنا الصعبة في وقت سابق من حياتنا، عندها يمكننا أن نتعامل مع أنفسنا بمزيد من التعاطف”.
الاعتراف بالتوتر كدليل على التغيير
تضيف هاردي أن التوتر يمكن أن يجعلك تشعر كما لو أن التغيير مستحيل، لكنه غالبًا ما يكون علامة على أن الوقت قد حان لاتخاذ خطوات جديدة.
تقول: “ربما لا تحتاج حتى إلى التحدث إلى شخص ما حول توترك، فأنت تعرف بالفعل أجزاء حياتك التي تحتاج إلى تعديل، ولذلك فيمكن النظر إلى التوتر على أنه علامة لبداية التغيير”.
كتابة الإيجابيات
تنصح هالي إم توماس، وهي طبيبة مرخص لها في مجال الزواج والأسرة من بورتلاند بولاية أوريغون، أن تضع في الاعتبار الطرق التي قد يكون من خلالها التغيير مفيدًا لك أو لمن حولك.
وقد يكون من المفيد أن تكتب ذلك في شكل قائمة حتى تتمكن من رؤيته على الورق.
ماذا يحدث عندما لا تستطيع التكيف مع التغيير؟
يمكن أن تكون القدرة على التكيف مؤشرًا هامًا على المرونة في الحياة.
يُظهر بحث أُجري عام 2022 أنه خلال جائحة كوفيد-19، لم يتمكن بعض الأشخاص من التكيف مع الإغلاق، وارتبط ذلك بمستويات أعلى من الاكتئاب والقلق والأرق.
تقول توماس إن عدم القدرة على قبول التغيير يمكن أن يكون له تداعيات خطيرة على علاقة الشخص بنفسه ومن حوله، فبالنسبة لأولئك الذين لا يستطيعون قبول التغيير، يمكنهم أن يجدوا أنفسهم عالقين في حياتهم أو علاقاتهم.
وفي أسوأ الحالات، يمكن أن يؤدي هذا الشعور بالتعثر إلى زيادة القلق والاكتئاب وقد يتطور إلى اضطراب تعاطي المخدرات، بحسب توماس.
وفي النهاية، في حين أنه قد لا يكون من المريح التحول من المعروف إلى المجهول، فإن التغيير لا يزول لمجرد أنك تقاومه.
وإذا واجهت صعوبة في التكيف مع التغيير، فتذكر أنك لست وحدك، وإذا وجدت التغيير صعبًا، فقد ترغب في التحدث مع أخصائي الصحة العقلية.
هل يؤثر الصيام على الحالة النفسية للصائم؟
أغذية طبيعية صحية.. والأهم أنها مضادة للاكتئاب وسوء الحالة المزاجية
ما أبرز المشكلات النفسية التي يعاني منها المراهقين والبالغين؟