يمثل غسل الكعبة المشرفة مشهدًا إيمانيًا وتقليدًا سنويًا، يعكس أسمى درجات العناية والتبجيل لبيت الله الحرام.
ويُقام هذا الحدث الروحاني، الذي تتوارثه القيادة السعودية، في موعد ثابت هو الخامس عشر من شهر محرم كل عام هجري، لتكريم أقدس بقاع الأرض وتطهيرها.
وتُجرى المراسم وسط منظومة متكاملة من الخدمات التي تشرف عليها الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، لضمان سير هذا التقليد العريق بأعلى مستويات الدقة والإجلال.
تتضمن عملية غسل الكعبة المشرفة خطوات دقيقة وموادَّ مختارة بعناية فائقة، حيث تبدأ المراسم بمرحلة التحضير التي يُستخدم فيها 20 لترًا من ماء زمزم المبارك مع 80 مل من دهن العود الخاص، تليها المرحلة الثانية، وهي الغسل الفعلي، حيث تُمزج مكونات فريدة تشمل 540 مل من ماء الورد الطائفي، و11 لترًا من طيب الغسل المُعد خصيصًا للكعبة المشرفة، بالإضافة إلى 3 مل من المسك النقي.
ويُغسل جدار الكعبة من الداخل بقطع قماش مبللة بهذا المزيج العطري، ثم تُجفف الجدران والأرضية المكسوة بالرخام بعناية، لتبدأ المرحلة الثالثة والأخيرة وهي التطييب والتبخير.
في هذه المرحلة، تُدهن الجدران بـ 500 مل من دهن الورد الطائفي، ويُستخدم 500 جرام من البخور الفاخر لتعطير الأجواء، لتكتمل بذلك صورة الإجلال والعناية التي تليق ببيت الله.
ويعود هذا الاهتمام البالغ بتاريخ غسل الكعبة المشرفة إلى عهد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، طيب الله ثراه، حيث تم غسلها في عهده ومن بعده 59 مرة، مما يؤكد على استمرارية هذا الشرف الرفيع كنهج ثابت للقيادة السعودية.
ولا تقتصر عملية غسل الكعبة المشرفة على كونها مجرد تنظيف مادي، بل هي رسالة رمزية عميقة تؤكد على الطهارة والعناية الفائقة التي تُولى للحرمين الشريفين.