في حفل رسمي أُقيم أمس الخميس، بقصر الشعب في دمشق، أطلقت سوريا هويتها البصرية الجديدة، في خطوة تتجاوز مجرد تغيير الرموز لتعلن عن بداية عهد جديد لمرحلة ما بعد سقوط نظام الأسد. وقد أكد الرئيس أحمد الشرع ومسؤولون كبار أن هذه الهوية البصرية تهدف إلى إعادة تعريف علاقة الدولة بالمجتمع، وترسيخ مبادئ الوحدة الوطنية والتنوع، وإرسال رسائل واضحة للداخل والخارج حول توجهات سوريا الجديدة.
ويأتي هذا الإطلاق، الذي حظي بحضور شخصيات سورية من كافة المحافظات، كتتويج لجهود دبلوماسية وسياسية حثيثة جرت خلال الأشهر الماضية، ويسعى لتقديم وجه جديد للدولة السورية على الساحة الدولية، وتأكيد على القطيعة مع حقبة النظام السابق التي وُصفت بأنها من “أكثر الحقب إذلالًا” في تاريخ دمشق.
في كلمته خلال الحفل، قال الرئيس أحمد الشرع إن هذه الهوية تعبر عن “سورية التي لا تقبل التقسيم أو التجزئة”، مشددًا على أن التنوع الثقافي والعرقي في البلاد هو عامل إثراء وليس سببًا للصراع. ووجه الشرع رسالة مباشرة إلى الشعب السوري، معلنًا أن “عصر انحطاطكم قد ولّى، وأن زمن نهضتكم قد حان”، وأن تضحيات الملايين من الشهداء والمعتقلين والمهاجرين لم تذهب سدى. وربط الرئيس الشرع رمزية الهوية البصرية بـ “طائر جارح” يمثل القوة والعزيمة والسرعة والإتقان، وهي الصفات التي تحتاجها سوريا في مرحلتها الجديدة. كما أوضح أن أحد أهداف هذه المرحلة هو “بناء الإنسان السوري” واستعادة ثقته وكرامته لوقف الهجرة بحثًا عن الأمن والمستقبل.
تعتمد الهوية البصرية الجديدة على رمزية تاريخية عميقة مع إضافة دلالات حديثة، وفق ما جاء في البيان الرسمي لوزارة الإعلام السورية، وتتكون من عدة عناصر رئيسية:
عقاب قريش: تم اعتماد “عقاب صلاح الدين الأيوبي” كشعار مركزي، وهو يمثل امتدادًا تاريخيًا غير منقطع لشعار الجمهورية السورية الذي تم اعتماده أول مرة في عام 1945. لكن التفسير الجديد له هو أنه يمثل الآن إرادة الشعب السوري وقوته.
وحدة الأرض: يشير جناحا العقاب الممتدان إلى أنه يحمي جغرافيا سوريا بأكملها، في تأكيد على وحدة الأراضي السورية وعدم قابليتها للتجزئة.
النجوم الخمس: ترمز إلى المناطق الجغرافية الكبرى الخمس في سوريا (الشمالية، الجنوبية، الشرقية، الغربية، والوسطى)، وتؤكد على أن هذه المناطق تشكل معًا نسيجًا وطنيًا واحدًا لا تفاضل بينه.
سنبلتا القمح: ترمزان إلى الخصوبة والرخاء والأمن الغذائي، وهي من أساسيات بناء الدولة الجديدة.
أكد وزير الإعلام، حمزة المصطفى، أن هذه المناسبة تمثل “عقدًا سياسيًا جديدًا” ورواية مختلفة لسوريا، لا تعتمد فقط على جمال التصميم، بل على “إعادة رسم العلاقة بين المجتمع والدولة”، حيث أصبحت سوريا فضاءً سياسيًا للشعب ومن أجله. وأشار إلى أن تصميم الهوية البصرية كان نتاج جهد جماعي شارك فيه سوريون من الداخل والخارج.
من جانبه، أوضح وزير الخارجية، أسعد الشيباني، أن الدبلوماسية السورية عملت بجد خلال الأشهر الماضية لاستعادة حضور سوريا الدولي، وأن هذه الجهود تكللت برفع العقوبات ورفع العلم السوري في مقر الأمم المتحدة. وأكد أن “سوريا التي نراها اليوم تشبه الشعب السوري”، وأن الهوية البصرية الجديدة أكثر انفتاحًا لتعكس ثقافة الإنسان السوري وتنوعه، معتبرًا أن هذا اليوم هو إعلان “موت ثقافي” لمرحلة القمع والفساد التي مثلها النظام السابق. ويعتبر هذا التحول في الموقف الدولي نجاحًا كبيرًا لإدارة الرئيس الشرع.