بينما كانت القوات الروسية تتقدم عبر الحدود الأوكرانية في اللحظات الأولى من غزوها، كان هناك هجوم آخر أقل وضوحًا يجري بالفعل… هجوم إلكتروني أدى إلى شل شبكة الإنترنت المرتبطة بشبكة اتصالات عبر الأقمار الصناعية.
تقول الحكومات الغربية إن هذا الهجوم التقني، الذي نفذته روسيا قبل ساعة من بدء هجومها البري في فبراير 2022، كان يهدف إلى تعطيل القيادة والسيطرة في كييف في اللحظات المحورية الأولى من الحرب.
كان للهجوم السيبراني، الذي أصاب أجهزة المودم المرتبطة بقمر صناعي للاتصالات، آثار بعيدة المدى، توقف توربينات الرياح في ألمانيا وقُطع الإنترنت عن عشرات الآلاف من الأشخاص والشركات في جميع أنحاء أوروبا، وفي أعقاب الهجوم سارعت أوكرانيا إلى إيجاد طرق أخرى للاتصال بالإنترنت.
دور الأقمار الصناعية في مساعدة الجيوش
بالنسبة للحكومات والمحللين الأمنيين فإن هذا الهجوم السيبراني سلط الضوء على كيف يمكن للأقمار الصناعية، التي تلعب دورًا متزايد الأهمية في مساعدة الجيوش على نشر القوات، وإدارة الاتصالات، وإطلاق الأسلحة أو اكتشافها، أن تصبح هدفًا رئيسيًا أثناء الحرب.
ومع قيام البلدان والشركات ببناء مجموعات من الأقمار الصناعية، يتنافس عدد متزايد من الحكومات على التقنية القادرة على تعطيل أو حتى تدمير أصول الخصوم، ليس فقط على الأرض كما حدث في الهجوم السيبراني المزعوم الذي شنته روسيا.
لكن في الفضاء أيضًا أُدخلت تقنيات تشويش الإشارة والخداع، وأشعة الليزر عالية الطاقة لإبهار أجهزة استشعار التصوير، والصواريخ المضادة للأقمار الصناعية والمركبات الفضائية ذات القدرة على التدخل مع الآخرين في المدار.
سباق الفضاء المضاد
لا تزال فكرة الأسلحة الموجهة إلى الفضاء مثيرة للجدل إلى حد كبير ولكنها ليست جديدة.. فمنذ عقود من الزمن تنافست الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي على التقنيات اللازمة لتدمير الأقمار الصناعية لدى كل منهما، مع إطلاق روسيا للقمر الصناعي سبوتنيك في عام 1957، أول قمر صناعي في العالم، وسرعان ما أعقب ذلك اختبارات الولايات المتحدة الفضائية المضادة.
منذ سقوط الاتحاد السوفييتي، أصبحت أمريكا القوة المتفوقة عندما يتعلق الأمر بالقدرات في الفضاء المرتبطة بإجراء عمليات عسكرية على الأرض، كما يقول المحللون، وهي قوة تأمل روسيا والصين في تحويلها ضدها حتى في ساحة المعركة.
وفقًا للخبراء فإن تطوير القدرات الفضائية المضادة مثل الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية يوفر وسيلة لتعطيل القدرات الفضائية للخصم، سواء كانت اتصالات أو ملاحية أو أنظمة قيادة وسيطرة وشبكات لوجستية تعتمد على الأنظمة الفضائية
يقول بيلاي راجاجوبالان، مديرة مركز الأمن والاستراتيجية والتكنولوجيا في مؤسسة أوبزرفر للأبحاث في نيودلهي: “إن حرمان الولايات المتحدة من أي ميزة قد تحصل عليها من استخدام الفضاء في صراع عسكري تقليدي هو ما يدفع روسيا والصين فيما يتعلق بتطوير قدراتهما واستراتيجياتهما”.
تقوم كل من روسيا والصين بتطوير التقنية التي يمكن استخدامها لمثل هذه الأغراض في السنوات الأخيرة، في حين تعتمد الولايات المتحدة على الأبحاث والقدرات الفضائية ذات الصلة، وفقًا للخبراء والتقارير مفتوحة المصدر.
يجري تطوير تقنيات الفضاء المضاد وسط حقبة جديدة من التركيز على الفضاء، حيث تتنافس الولايات المتحدة والصين على إرسال رواد فضاء إلى القمر وبناء قواعد بحثية هناك، ويعني التقدم في تقنية إطلاق الأقمار الصناعية وجود عدد متزايد من الجهات الفاعلة، بما في ذلك خصوم الولايات المتحدة. مثل كوريا الشمالية وإيران، تضع أصولها في المدار.
ومع تصاعد المنافسات الجيوسياسية على الأرض، يقول الخبراء إن بكين وموسكو مهتمتان بشكل متزايد بإيجاد طرق لحرمان الولايات المتحدة -باعتبارها الدولة التي تمتلك معظم القدرات الأرضية المرتبطة بالفضاء- من القدرة على استخدامها.