بعد الهجمة الأمريكية على إيران التي استهدفت ثلاثة من أهم مواقعها النووية، يقف العالم مترقبًا لطبيعة الرد الإيراني. فبينما يهدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالمزيد من العمليات العسكرية ويطالب بـ”استسلام غير مشروط”، تواجه طهران معضلة حقيقية؛ فخياراتها للرد محدودة ومحفوفة بمخاطر قد تشعل فتيل حرب شاملة في الشرق الأوسط.
فيما يلي نظرة على 7 سيناريوهات محتملة قد تلجأ إليها طهران ردًا على الهجمة الأمريكية على إيران.
يُعتبر السيناريو الأكثر خطورة والذي يتضمن توجيه ضربات عسكرية إيرانية مباشرة. وقد حذر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، من أن أي تدخل أمريكي إضافي “سيكون بمثابة وصفة لحرب شاملة”.
وقد أكد مسؤولون إيرانيون وأمريكيون أن طهران أعدت صواريخها بالفعل لضرب قواعد أمريكية في الشرق الأوسط، بدءًا بالعراق، إذا انضمت واشنطن إلى الحرب بشكل كامل. لكن هذا الخيار يمثل مجازفة كبرى، فمن المؤكد أنه سيستدعي ردًا أمريكيًا ساحقًا، خاصة وأن الولايات المتحدة عززت دفاعاتها ونشرت المزيد من الطائرات الحربية في المنطقة تحسبًا لهذا السيناريو بعد الهجمة الأمريكية على إيران.
صرح مسؤولون برلمانيون إيرانيون بأن إغلاق مضيق هرمز قيد الدراسة الجدية. فتعطيل هذا الممر المائي، الذي يمر عبره خُمس إمدادات النفط العالمية، سيؤدي إلى قفزة جنونية في أسعار النفط وصدمة للاقتصاد العالمي، مما قد يضر بالرئيس ترامب سياسيًا. لكن هذا السلاح ذو حدين؛ فإغلاق المضيق سيمثل ضررًا اقتصاديًا ذاتيًا فادحًا لإيران، وسيغضب حلفاءها وشركاءها، وخاصة الصين، المستورد الأكبر لنفطها. كما أنه سيؤدي حتمًا إلى تدخل عسكري دولي لإعادة فتح الممر المائي، مما يجعل هذا الخيار “ملاذًا أخيرًا” قد لا تلجأ إليه طهران إلا إذا شعرت بأن وجودها مهدد بعد الهجمة الأمريكية على إيران.
الخيار التقليدي لطهران هو استخدام شبكة وكلائها في المنطقة، مثل حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، والميليشيات في العراق. وقد هددت كتائب حزب الله في العراق بالفعل باستهداف المصالح الأمريكية. لكن هذا الخيار أصبح أقل فعالية من أي وقت مضى. فالضربات الإسرائيلية والأمريكية الأخيرة أدت إلى استنزاف قدرات هؤلاء الوكلاء بشكل كبير؛ فحماس تحاول البقاء في حرب غزة، والحوثيون وافقوا على هدنة مؤخرًا، وحزب الله تلقى ضربات موجعة. وقد صرح متحدث باسم حزب الله لمجلة “نيوزويك” بأنه لا توجد لدى الحزب خطط فورية للرد بعد الهجمة الأمريكية على إيران، مما يشير إلى ضعف هذه الجبهة.
قد تلجأ إيران إلى خيار حرب إلكترونية واسعة النطاق، وهو ما تحدثت عنه تقارير إعلامية إيرانية. تمتلك إيران وحدات سيبرانية متقدمة، مثل معهد “مابنا”، نفذت في السابق هجمات على بنى تحتية حيوية في إسرائيل والولايات المتحدة. هذا الخيار يتيح لإيران إلحاق أضرار اقتصادية وضربات رمزية مع الحفاظ على “إمكانية الإنكار”، وتجنب الرد العسكري المباشر الذي قد يتبع الهجمة الأمريكية على إيران.
في هذا السيناريو ستكثف إيران من جهودها الدبلوماسية لعزل الولايات المتحدة والكيان المحتل على الساحة الدولية. وقد بدأت بالفعل بإدانة الضربة الأمريكية على إيران باعتبارها انتهاكًا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ودعت إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن. ومن المرجح أن تجد هذه الإدانة صدى لدى خصوم واشنطن، مثل الصين وروسيا، لكن من المستبعد أن تؤدي إلى إجراءات قوية بسبب حق النقض (الفيتو) الأمريكي ودعم الحلفاء الغربيين لواشنطن.
رغم أن الولايات المتحدة تقصف إيران، فإن إدارة ترامب لم تغلق باب الدبلوماسية تمامًا. لكن العودة إلى المحادثات الآن تبدو صعبة. فقد استبعدت إيران الأسبوع الماضي إجراء المزيد من المحادثات بسبب الهجمات الإسرائيلية، ومن المؤكد أن الهجمة الأمريكية على إيران ستجعل أي تنازل إيراني يبدو كاستسلام. ومع ذلك، قد تحاول طهران استخدام هذا المسار لكسب الوقت وإعادة ترتيب أوراقها.
قد يكون الرد الأخطر على الإطلاق هو أن تدفع الضربة الأمريكية على إيران طهران إلى اتخاذ قرار استراتيجي بتسريع البرنامج النووي الإيراني والسعي لامتلاك قنبلة نووية بأسرع وقت ممكن. يرى مسؤولون أمريكيون متشككون أن الهجمات ربما أقنعت طهران بأن السبيل الوحيد لردع أي هجوم مستقبلي هو تطوير رادع نووي شامل.
وفيما دمرت الضربة الأمريكية على إيران جزءًا من البنية التحتية، إلا أن المعرفة والخبرة لا يمكن تدميرها. هذا السيناريو، إن حدث، سيطلق سباق تسلح نووي إقليمي، وسيزيد من الضغوط على إدارة ترامب لتوجيه ضربة قاضية، مما قد يدخل المنطقة في دوامة عنف لا نهاية لها بعد أن قررت الولايات المتحدة قصف إيران.