تمكن علماء في جامعة كولومبيا الأمريكية، من تحديد سبب جيني لحالة نادرة تعرف بهشاشة العظام الذاتية، التي تصيب الشباب بشكل خاص، وتؤثر على نحو حوالي 0.4 شخص من كل مائة ألف شخص سنويًا، وتعرضهم إلى الإصابة بالكسور حتى عند القيام بحركات بسيطة.
فعلى الرغم من أن معظم حالات هشاشة العظام تصيب الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 50 عامًا، فإن الهشاشة الذاتية تظهر بشكل مفاجئ في الأفراد الشباب والأصحاء، ورغم أن السبب الدقيق لهذه الحالة لا يزال غير معروف، فإن الأبحاث تشير إلى وجود ارتباط عائلي، حيث يعاني العديد من المرضى من كسور متكررة خلال الطفولة.
تحليل جيني يكشف السبب
خلال الدراسة، التي نشرت منتصف أكتوبر الجاري في مجلة “الطب الانتقالي للعلوم”، قام الباحثون بإجراء تحليل جيني لعشرة أفراد من عائلة واحدة، بعضهم مصاب بالهشاشة الذاتية، كما أخذت عينات من 75 مريضة أخرى غير مرتبطة، وأظهرت النتائج وجود طفرات في جين «MTNR1A»، وهو جين مسؤول عن بروتين يستقبل الميلاتونين وهو الهرمون الذي ينظم دورة النوم.
الميلاتونين ووظائفه المتعددة
يعد الميلاتونين هرمونًا مهمًا في تنظيم النوم، لكن الأبحاث الأخيرة تشير إلى أنه قد يلعب دورًا في خفض ضغط الدم، ومحاربة السرطان، وأيضًا في تشكيل أنسجة العظام.
حيث وجد الباحثون أن الطفرات الجينية التي يرمز إليها بالكودين «rs374152717» و«rs28383653» كانتا مرتبطتان بشكل حصري بالمرضى الذين يعانون من الهشاشة الذاتية، وأشارت النتائج إلى أن حاملي هذه الطفرات قد يكونون أكثر عرضة لتطوير هذه الحالة.
التأثيرات السريرية المحتملة
في تجارب منفصلة، استخدم العلماء أداة تحرير الجينات «CRISPR» لإدخال الطفرة «rs374152717» إلى خلايا عظمية بشرية وفئران تجريبية، مما أدى إلى اضطراب إشارة الميلاتونين، وأثبتت التجارب أن الطفرة تسارع من نشاط الخلايا المسؤولة عن تكوين العظام، مما أدى إلى تقليل كتلة العظام.
وخلص الباحثون إلى أن الميلاتونين قد يكون له دور في علاج الهشاشة الذاتية، حيث قال ستافروولا كوستيني، أحد مؤلفي الدراسة: “إذا تمكنا من استعادة نشاط مسار إشارات الميلاتونين، فقد نتمكن من منع فقدان العظام الإضافي أو إصلاح العيوب العظمية”.
ورغم أن الدراسة تشير إلى إمكانيات واعدة، فإن الباحثين يحذرون من أن هذه الخيارات تحتاج إلى مزيد من التجارب.
وأظهرت تجارب سابقة أن الميلاتونين يمكن أن يحسن كثافة العظام ويمنع فقدانها، لكن لا توجد حاليًا طريقة لتصحيح الطفرات الجينية المرتبطة بالمرض.
ومع استمرار الأبحاث، يأمل العلماء في تطوير استراتيجيات علاجية فعّالة لمساعدة المصابين بهشاشة العظام الذاتية، مما قد يفتح آفاقًا جديدة في مجال الطب الجيني والعلاج.