كشفت تقارير إعلامية إسرائيلية أن وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، وضع خطة جديدة تهدف إلى نقل مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى منطقة مغلقة داخل غزة، على طول الحدود مع مصر، في ما وصفه بـ”المدينة الإنسانية”.
وتشير المعطيات إلى أن هذه الخطة جزء من توجه أوسع للحكومة الإسرائيلية لفرض سيطرة دائمة على قطاع غزة، وإعادة تشكيل تركيبته السكانية بشكل يُعدّه حقوقيون تهجيرًا لسكان غزة بطريقة ممنهجة.
الخطة التي أُعلن عنها خلال لقاء مغلق جمع كاتس بمراسلين عسكريين إسرائيليين، تتضمن نقل 600 ألف فلسطيني في البداية من مناطق ساحلية إلى رفح جنوب غزة، تمهيدًا لنقل جميع السكان لاحقًا.
وفي تصريحاته، قال كاتس إن الفلسطينيين “لن يتمكنوا من المغادرة بعد دخولهم المنطقة”، مما أثار اتهامات واسعة بأن تهجير سكان غزة يجري بشكل قسري تحت غطاء المساعدات الإنسانية.
تشير الخطة إلى أن “المدينة الإنسانية” في رفح، والتي تُبنى فوق أنقاض المدينة المدمرة، ستكون منطقة محصنة تديرها القوات الإسرائيلية، بينما تتولى جهة دولية (لم يتم تحديدها) توزيع المساعدات.
ويرتبط تنفيذ هذه الخطة بوقف إطلاق نار محتمل لمدة 60 يومًا يناقشه كل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن، وسط دعم من الطرفين لفكرة “خيار الهجرة الحر” للفلسطينيين، كما وصفها نتنياهو.
واجهت الخطة انتقادات لاذعة من منظمات حقوق الإنسان، التي حذرت من أنها تؤسس لواقع جديد قد يتحول إلى كارثة إنسانية، وصرّحت تانيا هاري، المديرة التنفيذية لمنظمة “غيشا”، بأن “إجبار الناس على دخول ما يشبه معسكر اعتقال كبير يعكس فصولاً مظلمة من التاريخ”، مضيفة أن تهجير سكان غزة لم يعد مجرد تكهنات بل سياسة تنفذ على الأرض.
يخشى الفلسطينيين أن يؤدي هذا السيناريو إلى تكرار تجربة النكبة، عندما تم تهجير مئات الآلاف عام 1948، دون السماح لهم بالعودة، وعلى الرغم من أن الحكومة الإسرائيلية تتحدث عن “الهجرة الطوعية”، إلا أن الواقع الذي تفرضه الحرب والدمار في غزة لا يترك أمام السكان سوى خيار المغادرة، تحت وطأة الخوف والجوع وفقدان الأمل.
بدأت إسرائيل والولايات المتحدة بالفعل بتوزيع المساعدات في جنوب غزة، عبر مؤسسة تُدعى “مؤسسة غزة الإنسانية” (GHF)، لكن هذا البرنامج شابه العنف والفوضى، ووفق تقارير محلية، قُتل أو جُرح مئات الفلسطينيين أثناء محاولتهم الوصول إلى نقاط توزيع الغذاء، وسط اتهامات باستخدام الذخيرة الحية وقنابل الصوت من قبل المتعاقدين.
وتنفي GHF مسؤوليتها عن العنف أو أي تورط في خطط التهجير، لكنها تعمل في مناطق عسكرية مغلقة يمنع فيها دخول الصحافة المستقلة.
في مؤتمر صحفي عُقد في مايو الماضي، أشار نتنياهو صراحة إلى أن “برنامج المساعدات الجديد” سيكون مقدمة لـ”خلق منطقة معقّمة” خالية من حركة حماس، حيث سيتم تجميع الفلسطينيين في غزة، مما يعزز الاتهامات بأن الخطة تهدف إلى تهجير سكان غزة بشكل غير مباشر وتكريس الاحتلال.
من جهتها، أكدت حركة حماس أنها لن تُفرج عن الرهائن إلا في حال وجود وقف إطلاق نار دائم وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية، كما شددت على أن غزة تمثل جزءًا لا يتجزأ من الوطن الفلسطيني، وأن أي محاولة لتفريغ القطاع من سكانه مرفوضة بالكامل.
ويرى الفلسطينيون أن أي نزوح مؤقت سيُستغل لمنعهم من العودة مستقبلًا، خاصة في ظل الحديث الإسرائيلي عن البحث عن دول تستقبل السكان.
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
“الجنائية الدولية” تصدر أوامر اعتقال بحق قادة طالبان
“الموت لأمريكا”.. الرئيس الإيراني يقدم رواية جديدة للشعار المثير للجدل