أعلنت المحكمة الجنائية الدولية، إصدار مذكرات اعتقال بحق اثنين من كبار قادة طالبان، هما الزعيم الأعلى للحركة “هبة الله أخونزاده” ورئيس المحكمة العليا في أفغانستان “عبد الحكيم حقاني”.
وتتهم المحكمة القادة بارتكاب جرائم اضطهاد ممنهجة بحق النساء والفتيات، بالإضافة إلى اضطهاد أشخاص آخرين لا يتوافقون مع سياسات طالبان الأيديولوجية المتعلقة بالنوع الاجتماعي أو الهوية الجنسية.
وفق بيان الادعاء العام في الجنائية الدولية، فإن أوامر الاعتقال جاءت بناءً على اتهامات خطيرة تضمنت حرمان النساء والفتيات الأفغانيات من حقوق أساسية مثل التعليم، والتنقل، والحياة الأسرية، وحرية التعبير والدين.
كما اتهمت طالبان أيضًا باضطهاد حلفاء النساء وأعضاء مجتمع الميم، في إطار سياسة قمع شاملة تنتهجها منذ عودتها إلى السلطة عام 2021.
من جانبه، رفض المتحدث باسم حكومة طالبان، ذبيح الله مجاهد، قرار المحكمة، واعتبره انعكاسًا لما وصفه بـ”العداء الصريح والكراهية تجاه الدين الإسلامي والشريعة الإسلامية”، معتبرًا أن القرار يمثل إهانة لمعتقدات جميع المسلمين.
وبهذا الرد، واصلت طالبان نهجها في رفض أي مساءلة دولية، رغم تصاعد الانتهاكات التي توثقها المنظمات الحقوقية بشكل متواصل.
قرار المحكمة جاء بعد أشهر من جهود المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، الذي بدأ إجراءات إصدار مذكرات الاعتقال منذ يناير الماضي، وتزامن هذا القرار مع تصويت في الأمم المتحدة يدعو طالبان إلى إنهاء اضطهاد النساء والفتيات، والقضاء على الجماعات الإرهابية داخل أفغانستان، في خطوة أثارت ردود فعل سياسية متباينة، لا سيما مع اعتراف روسيا مؤخرًا بحكومة طالبان رسميًا.
منذ سيطرة طالبان على الحكم، شهدت البلاد موجة من القيود المشددة، حيث تم منع الفتيات من التعليم بعد الصف السادس، ومنعت النساء من ارتياد الأماكن العامة أو العمل.
وأكدت المحكمة أن هذه السياسات تمثل جرائم اضطهاد، وليس مجرد سياسات داخلية، كما شددت المحكمة على أن هذه الإجراءات تمس جوهر الحقوق الإنسانية وتتناقض مع القانون الدولي.
كانت الجنائية الدولية قد حصلت على موافقة في عام 2022 لإعادة فتح التحقيق في الجرائم المرتكبة داخل أفغانستان، بعد أن تبين أن حكومة طالبان الحالية لا تستطيع ولا ترغب في إجراء تحقيقات فعالة.
وقال خان إن التركيز سينصب على جرائم طالبان وتنظيم داعش، في حين سيتم تجاهل التحقيقات المتعلقة بالجرائم الأمريكية السابقة، بسبب تعقيدات سياسية وقانونية.
رحبت منظمة “هيومن رايتس ووتش” بالقرار، واعتبرته خطوة تاريخية لمحاسبة قادة طالبان، خاصة بعد سنوات من الانتهاكات الممنهجة بحق النساء والأقليات.
وقالت ليز إيفنسون، مديرة العدالة الدولية في المنظمة: “أصبح قادة طالبان الآن مطلوبين دوليًا بسبب اضطهادهم المزعوم لفئات مستضعفة”.
بهذا القرار، ينضم قادة طالبان إلى قائمة المتهمين البارزين الذين أصدرت بحقهم المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال، مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ويعكس ذلك اتساع نطاق المحكمة في ملاحقة المسؤولين عن الجرائم ضد الإنسانية، بغض النظر عن مناصبهم أو تأثيرهم السياسي.
اللافت أن صدور أوامر الاعتقال تزامن مع إعلان المدعي العام كريم خان تنحيه مؤقتًا عن منصبه، بسبب فتح تحقيق داخلي يتعلق باتهامات بسوء سلوك جنسي وابتزاز.
وعلى الرغم من نفي خان القاطع لهذه الاتهامات، فإن المحكمة أكدت استمرار العمل في القضايا الجارية، ومنها ملف طالبان، دون تأثر بسير التحقيقات الداخلية.
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
بعد اعتزام شطبها من قوائم الإرهاب.. تاريخ هيئة تحرير الشام
اغتيال كينيدي.. وثائق تربط وكالة الاستخبارات الأمريكية بالقاتل
“الموت لأمريكا”.. الرئيس الإيراني يقدم رواية جديدة للشعار المثير للجدل