شهدت المغرب زلزالًا مدمرًا راح ضحيته الآلاف، بخلاف الأعداد الضخمة من المشريدين بسبب شدة الدمار، وهو ما يدفعنا للتساؤل: ما الذي جعل هذا الزلزال مدمرًا لهذه الدرجة؟ هل هي شدته فقط؟ أم أن هناك عوامل أخرى؟
من جانبها قالت جوديث هوبارد ، عالمة الزلازل في جامعة كورنيل: “هذا الزلزال أكبر من أي زلزال تم تسجيله في المنطقة على الإطلاق”، ورغم من المؤكد أن قوة الزلزال العالية ساهمت في الكارثة، لكن هناك عدة عوامل أخرى ساهمت في هذا الدمار أبرزها أن بعض المناطق التي تضررت لم تكن مصممة لتحمل مثل هذا الزلزال القوي، كما أن الهزة وقعت في الليل فكانت الاستجابة لأي طلب تدخل بطيئة”.
أتفقن ويندي بوهون، عالمة جيولوجيا الزلازل، مع “هوبارد”، إذ أكدت أن المباني الضعيفة والتي تتكون من مواد مثل الطوب والملاط، معروفة بفشلها في مواجهة الزلازل.
موقع المغرب
بعد كل زلزال يحاول العلماء معرفة كل الملابسات التي أحاطت بالزلزال لمعرفة كيفية حدوثه، وهو أمر يساعد في تمكين العالم من الاستعداد بشكل أفضل لاحتمالية حدوث الهزات في أي منطقة حول العالم.
وفقًا للخبراء في علم الجيولوجيا فإن الصفيحة الإفريقية تتحرك في شمال إفريقيا ببطء بالنسبة للصفيحة الأوراسية، وتعد المغرب قريبة من حدود هذه الصفيحة التكتونية، ورغم أن الزلازل الصغيرة ليست غريبة في المنطقة، والحركة التدريجية على حدود هذه الصفيحة يعني أن الزلازل الكبيرة نسبياً نادرة ولكنها يمكن أن تحدث، وغالبًا ما يشير العلماء إلى حالتين خطيرتين بشكل خاص في عام 1755، قتل زلزال مكناس الضخم (ذو قوة مشكوك فيها إلى حد ما) ربما حوالي 15,000 شخص؛ وفي عام 1960، قتل زلزال أغادير بقوة 5.8 حوالي 12,000 شخص.
الزلازل الكبيرة
يمكن أن تضرب الزلازل الكبيرة على جميع أنواع شبكات الخلل، كل ما يلزم هو الضغط والوقت “هناك الكثير من التوتر في القشرة” حول سلسلة جبال الأطلس، إذ يقول توماس لوكوك، عالم زلازل في المرصد الملكي في بلجيكا: “معظم النشاط الزلزالي في المغرب يرتبط بالحركة على الحدود بين الصفيحة الأفريقية والصفيحة الأوراسية، ولذلك كان يعتقد أن أعلى مستوى للخطر الزلزالي موجود في شمال البلاد”، ويقول ياشا بوليت، عالم زلزال وأستاذ متقاعد في جامعة كاليفورنيا: “وقع الزلزال يوم الجمعة في منطقة أكثر جنوبًا، في منطقة ذات نشاط زلزالي منخفض.”
المسح الجيولوجي
حسب المسح الجيولوجي الأمريكي، تم حساب عمق الزلزال الذي وقع يوم الجمعة بنحو 16 ميل، وكشفت بيانات الأقمار الصناعية الجديدة التي فحصها “هوبارد”، أين وكيف تشوهت الأرض في المنطقة أثناء الزلزال، وبناءً على ذلك، يشتبه هو وزميله الجيولوجي “كايل برادلي” في أن الصدع الذي تمزق على الأرجح هو صدع تيزي إن تيست، وهو الصدع الذي اعتبره قليلون نشطًا، ولكن لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من البيانات لتأكيد هذا الاستنتاج المبدئي.
وفي الأيام المقبلة، سيقود سيل من البيانات الجديدة العلماء إلى السبب الحقيقي لزلزال المغرب الأخير ولكن ما هو معروف بالفعل أن العديد من العوامل البشرية عززت من قوة الزلزال، فمما لا شك فيه أن زلزالًا بقوة 6.8 درجة يعد حدثًا شديدًا، لكن ما قد يؤدي إلى الدمار ليس فقط قوة الزلزال ولكن مدى اهتزاز الأرض على مسافات مختلفة من مصدر تمزق الأرض، فوفقًا لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، تسبب هذا الزلزال في هزات “شديدة” حول مركز الزلزال، وتصنف من “قوية” إلى “قوية جدًا” في مراكش، ولكن حتى هذا وحده لا يفسر سبب وفاة الآلاف من الناس.
رغم خطورته.. لا يمكننا إبادة البعوض والقضاء عليه