أصبحت شركة “Nvidia” مطلع هذا الأسبوع أول شركة عامة في العالم تتجاوز قيمتها السوقية حاجز 4 تريليون دولار، لكن الإحصائية الأكثر إثارة للدهشة ليست حجمها المالي، بل حجم قوتها العاملة الضئيل الذي حقق هذا الإنجاز، والذي يبلغ حوالي 36 ألف موظف فقط، وهو عدد يوازي تقريبًا سكان بلدة أمريكية صغيرة مثل ويسترفيل في ولاية أوهايو.
ويسلط هذا التباين الضوء على نموذج عمل فريد جعل من “Nvidia” الشركة الأكثر كفاءة وقيمة من حيث رأس المال البشري في العالم، فبينما يعتمد عمالقة التقنية الآخرون على جيوش من الموظفين لإدارة عملياتهم، تمكنت “إنفيديا” من تحقيق نمو هائل في الإيرادات وهوامش ربح ضخمة بفريق عمل صغير نسبيًا، مما يضعها في فئة خاصة بها تمامًا.
تتجلى هذه الكفاءة الاستثنائية عند تحليل القيمة السوقية لكل موظف، فمع وصول قيمتها إلى 4 تريليون دولار، تبلغ قيمة كل موظف في “Nvidia” ما يقارب 111 مليون دولار.
على سبيل المقارنة، تبلغ قيمة الموظف في شركة “Meta نحو 25 مليون دولار، وفي “Apple” حوالي 19 مليون دولار، بينما تنخفض في “Microsoft” إلى 16 مليون دولار.
وحتى عند مقارنتها بشركات ضخمة مثل “Amazon“، التي توظف مئات الآلاف، فإن الفجوة تبدو هائلة، حيث لا تتجاوز قيمة الموظف في “أمازون” 1.5 مليون دولار.
ويرى المحللون أن هذا النموذج، على الرغم من أنه ليس المقياس التقليدي لتقييم الأسهم، يقدم نظرة بانورامية فريدة على الهدف الأساسي للرأسمالية، وهو تحويل الموظفين إلى قيمة سوقية ضخمة.
ويعود نجاح “Nvidia” في تحقيق هذه المعادلة الصعبة إلى تركيزها الاستراتيجي على قطاع الذكاء الاصطناعي وتصنيع وحدات معالجة الرسومات التي أصبحت بمثابة العمود الفقري للثورة التقنية الحالية، وقد سمح لها هذا الموقع المحوري بتحقيق نمو غير مسبوق دون الحاجة إلى توسع هائل في عدد الموظفين.
وتقدم قصة “إنفيديا” دراسة حالة ملهمة حول كيف يمكن لشركة، بفريق عمل متخصص وعالي الكفاءة، أن تعيد تعريف معايير النجاح والقيمة في الاقتصاد العالمي الحديث، وتثبت أن القوة الحقيقية لا تكمن دائماً في الحجم.