أظهرت بيانات حديثة صادرة عن منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) أن ما يقرب من ربع سكان العالم، أي واحد من كل أربعة أشخاص، يعانون حاليًا من انعدام الأمن الغذائي. ويأتي هذا الواقع على الرغم من وصول الإنتاج الزراعي العالمي إلى مستويات قياسية، مما يؤكد أن الأزمة الحالية لا تتعلق بوفرة الغذاء، بل بالوصول إليه، وذلك نتيجة لأزمات متعددة تشمل الصراعات، والظواهر المناخية المتطرفة، والضغوط الاقتصادية.
وحذرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) من أن 2.3 مليار شخص، أي ما يعادل 28% من سكان العالم، سيواجهون انعدام الأمن الغذائي بحلول عام 2024. ويأتي هذا الرقم المقلق نتيجة “عاصفة مثالية” من الصراعات والصدمات المناخية والاضطرابات الاقتصادية التي تهدد استقرار الغذاء عالميًا. وتظل أفريقيا هي المنطقة الأكثر تضررًا، حيث يعاني ما يقرب من 60% من سكانها من صعوبة الوصول المنتظم إلى الغذاء المغذي.
يتم قياس انعدام الأمن الغذائي من خلال “مقياس تجربة انعدام الأمن الغذائي” (FIES)، الذي يصنف التجربة إلى مستويين رئيسيين بناءً على إجابات الأفراد على ثمانية أسئلة.
تتحمل قارة أفريقيا العبء الأكبر من هذه الأزمة، حيث تصل نسبة انعدام الأمن الغذائي فيها إلى 59% من إجمالي سكانها، وهي نسبة تكشف عن حجم التحدي الهائل في القارة. كما تكشف البيانات عن مؤشر مقلق آخر، وهو أن المعدل العالمي لانعدام الأمن الغذائي لا يزال اليوم أعلى مما كان عليه قبل جائحة كوفيد-19، مما يدل على حدوث تراجع في الجهود العالمية لمكافحة الجوع.
وفقًا للتقرير العالمي حول أزمات الغذاء، يمكن تحديد الأسباب الرئيسية التي تغذي هذه الأزمة في ثلاثة محاور رئيسية:
تتطلب الطبيعة المتشابكة لأسباب الجوع استجابة متكاملة بنفس القدر. فالحلول تكمن في بناء أنظمة إنذار مبكر للكوارث، وتطوير بنية تحتية مرنة قادرة على الصمود، وتصميم سلاسل إمداد غذائية أكثر ذكاءً تقلل من الهدر وتضمن وصول الغذاء إلى من يحتاجه بسرعة. ورغم وجود هذه الحلول، تحذر منظمة الأغذية والزراعة من أن العالم، بالوتيرة الحالية، بعيد كل البعد عن تحقيق الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة، وهو “القضاء على الجوع” بحلول عام 2030.