رغم دخوله عام الحرب الثالث، لم يتمكن الجيش السوداني حتى الآن من تحقيق حسم عسكري كامل للمعركة ضد قوات الدعم السريع، وهو ما يثير تساؤلات حول الأسباب التي تقف وراء هذا التأخير، في وقت يزداد فيه المشهد تعقيدًا مع إعلان “الدعم السريع” عن حكومة موازية.
ويرى خبراء عسكريون أن الإجابة تكمن في مجموعة من العوامل الميدانية والسياسية المعقدة، فالحرب الطويلة تستنزف القدرات اللوجستية والبشرية، وتفرض على القوات المهاجمة حسابات دقيقة تتعلق بحماية المدنيين وتأمين المناطق المحررة قبل التقدم نحو أهداف جديدة.
يفسر القائد السابق بالجيش، اللواء أمين إسماعيل مجذوب، هذا الوضع بوجود “تباطؤ مقصود” من جانب الجيش السوداني، موضحًا أن التقدم العسكري يرتبط بشكل وثيق بضرورة تأمين المناطق الخلفية، وهو ما يتطلب وقتًا وجهدًا إضافيين، ويضاف إلى ذلك عامل الطبيعة، حيث يعيق فصل الخريف بـ”أراضيه الطينية” تقدم القوات في جبهات حيوية مثل كردفان ودارفور.
وأشار مجذوب في مقابلة عبر الفيديو مع برنامج “هنا الرياض” على ق”قناة الإخبارية” أنه على الرغم من أن القوات الجوية توقع خسائر كبيرة في صفوف “الدعم السريع”، إلا أنها لا تستطيع فرض السيطرة الكاملة على الأرض، فالسيطرة تحتاج إلى قوات برية، وهو ما يفسر بطء إيقاع العمليات.
وفي خضم هذه التحديات الميدانية التي يواجهها الجيش السوداني، لجأت قوات الدعم السريع وحلفاؤها إلى المناورة السياسية عبر إعلان “حكومة تأسيس” موازية في المناطق التي تسيطر عليها، في خطوة يراها محللون محاولة لفرض أمر واقع جديد.
ويتفق معظم الخبراء على أن هذه الحكومة الموازية، التي تفتقر للاعتراف الإقليمي والدولي، تمثل ورقة ضغط سياسي تهدف إلى تعزيز الموقف التفاوضي لـ”الدعم السريع” مستقبلاً، وتحويل الصراع من مواجهة بين قوتين عسكريتين إلى تفاوض بين حكومتين.
وبينما يرى البعض في هذه الخطوة دليلًا على تراجع طموحات “الدعم السريع” من السيطرة على كامل البلاد إلى الحفاظ على مناطق نفوذه، يواصل الجيش السوداني تأكيد إصراره على استعادة كافة المناطق، مما يجعل المشهد مفتوحًا على كل الاحتمالات، ويزيد من صعوبة التنبؤ بمستقبل الأزمة السودانية.