رغم ما تبذله بعض الأفلام التاريخية من جهود لإعادة تصوير المعارك الكبرى بدقة، إلا أن هوليوود كثيرًا ما تخضع الحقائق لأهواء الدراما ومتطلبات السيناريو. والنتيجة؟ أعمال سينمائية ملحمية تُبهر المشاهدين بصريًا، لكنها تضللهم تاريخيًا. إليكم أبرز 10 أفلام شهيرة قدّمت معارك حاسمة، لكنها خالفت الوقائع بشكلٍ صارخ، وافتقرت للدقة التاريخية بشكل كبير.
فيلم MGM عن أعنف معارك الجيش الأمريكي في الحرب العالمية الثانية، اختار تصوير مشاهد القتال على أراضٍ مكشوفة شبيهة بأفلام الكاوبوي، بدلًا من غابات “الأردين” الكثيفة. تجاهل الفيلم أيضًا الضباب الكثيف الذي كان حاسمًا في بداية المعركة، وجاءت الأخطاء كبيرة لدرجة أن الجنرال الأمريكي أيزنهاور نفسه هاجمه بشدة، بسبب خلطه في أسماء الوحدات العسكرية وتقديمه لسيناريوهات لم تحدث قط، مثل “سباق على مستودع وقود”.
الفيلم يستهلّ أحداثه بهجوم أثيني خاطف على الفرس في ماراثون، لكن الحقيقة أن الجيوش بقيت متقابلة خمسة أيام قبل القتال. كما يُظهر “ثيمستوكليس” وهو يقتل الملك داريوس بسهم، رغم أن الأخير لم يكن موجودًا أصلاً ومات لاحقًا. معركة سلاميس تُقدم بشكل سريالي بمشاركة أسطول بقيادة ملكة إسبرطة “غورغو”، رغم أن إسبرطة ساهمت فقط بـ16 سفينة، ولم تُقَد من قِبل امرأة قط.
تمويله جاء من طائفة “التوحيد” بقيادة القس صن ميونغ مون، وبلغت ميزانيته 46 مليون دولار. استعان مون بروح الجنرال “ماك آرثر” عبر وسيطة روحية! النتيجة كانت كارثية؛ مشاهد قتالية مرتبكة، مؤثرات بدائية، وطائرات تُحركها خيوط. معركة “إنشون” بالكاد ظهرت لـ15 دقيقة، معظمها من اختراع الخيال.
رغم رؤية ريدلي سكوت النبيلة، إلا أن الفيلم بالغ في تجميل الملك بلدوين الرابع، وصوّر “صلاح الدين” كقائد مسالم بالكامل، بينما الحقيقة أنه استمر في القتال من أجل استعادة القدس. “باليان” لم يكن حدادًا فرنسيًا، بل نبيلًا فلسطينيًا، ولم تكن زوجته قد انتحرت. كما أن تهديده بتدمير “كل المقدسات” كان مجرد حبكة درامية؛ التاريخ يذكر أنه هدد فقط المواقع الإسلامية، بل واحتجز 500 عبد مسلم كرهائن.
يروي الفيلم قصة الجنود الأمريكيين الذين وقعوا في كمين بأفغانستان، لكنه يُضيف لمسة درامية زائدة، مثل مشهد توقف قلب “ماركوس لوتريل” لحظة إنقاذه، وهو أمر لم يحدث. أيضًا، الهجوم النهائي على القرية البشتونية التي لجأ إليها لم يحدث كما في الفيلم، ولم يُقتل زعيم طالبان أحمد شاه وقتها بل بعد ثلاث سنوات.
الفيلم يعجّ بالتحريفات، بدءًا من خرائط خاطئة تُظهر تركيا وسويسرا ضمن الأراضي النازية! كما صوّر الجيش السوفيتي ككيان فوضوي يرسل الجنود للمعركة دون أسلحة. أما القصة الرئيسية—مبارزة القناص “زايستيف” مع ألماني يدعى “كونيغ”—فلا وجود لها في السجلات، ويُعتقد أنها اختُرعت لأغراض دعائية.
الفيلم صوّر صحراء “النفود” كبحر من الكثبان الرملية، رغم أنها في الواقع سهول حصوية. مشهد الهجوم على العقبة تم نقله من موقعه الحقيقي “أبا اللِّسان”، حيث وقع الهجوم الأصلي. كما أن مشهد انضمام لورنس للبدو بعد إنقاذه رجلًا من الصحراء كان مبالغًا فيه؛ العرب اعتبروا تصرفه طائشًا، لا بطوليًا.
رغم وعود الفيلم بالدقة، إلا أن المعركة صُوّرت بنقاء مبالغ فيه. تم استخدام هواة تمثيل يملكون زيًّا أنيقًا جدًا مقارنة بالجنود الحقيقيين. بعض الأحداث الحاسمة نُقلت من تواريخها، والنتيجة كانت تصويرًا نظيفًا لمعركة توصف تاريخيًا بأنها كانت “إعصارًا من العنف”.
جون واين أرادها رمزًا للحرب الباردة، فاختار إهمال كل الحقائق. الموقع نُقل إلى “ريو غراندي” بدلًا من مكانه الأصلي، ومدافع المكسيك خيالية. النهايات البطولية، كتفجير “كروكيت” لمخزن البارود، لم تحدث قط. والأسوأ أن الفيلم لم يوضح حتى سبب القتال.
الفيلم قائم على شخصية وهمية تدعى “بنيامين مارتن”، خليط من خمس شخصيات تاريخية أبرزها فرانسيس ماريون، لكنه صُوِّر كفارس نبيل يحرر عبيده طواعية، رغم أن الواقع كان أعقد بكثير. المعركة الختامية تخلط بين “كاوبينز” و”جيلفورد”، وتُظهر البريطانيين كنازيين، وهو تشويه دفع الصحافة البريطانية للرد بهجمات مغالطة على ماريون نفسه.