logo alelm
ألعاب الفيديو.. استراتيجية داعش لاختراق عقول الشباب

كشفت دراسة بحثية معمقة، عن طبيعة الاستراتيجيات الإعلامية المتقدمة التي اتبعها تنظيم “داعش”، باستغلال وسائل الإعلام الحديثة، وتحديدًا ألعاب الفيديو، كأداة لتحقيق أهدافه في الدعاية والتجنيد واستهداف فئة الشباب.

وتناقش الدراسة التي أعدها الباحث الأكاديمي أحمد الراوي، وتحمل عنوان “ألعاب الفيديو والإرهاب و”جهاد داعش 3.0″، كيف نجح التنظيم في تطوير حملة إعلامية متطورة تختلف جذريًا عن سابقاتها، مع التركيز على لعبة الفيديو “صليل الصوارم” كدراسة حالة.

استراتيجية داعش الإعلامية

توضح الدراسة أن نجاح “داعش” في تجنيد آلاف المقاتلين الأجانب، بمن فيهم مئات من الدول الغربية، لم يأتِ من فراغ، بل كان نتيجة لاستراتيجية إعلامية متكاملة ومتعددة الأبعاد. فالتنظيم، الذي تأسست نواته الأيديولوجية في معسكر “بوكا” للاعتقال في العراق، لم يكتفِ بالأساليب التقليدية، بل تبنى ما يمكن تسميته بـ “جهاد 3.0”. هذه الاستراتيجية، كما وصفها الرئيس أوباما، تستخدم “مقاطع الفيديو عالية الجودة، والمجلات الإلكترونية، وحسابات تويتر الإرهابية” لاستهداف الشباب في الفضاء الإلكتروني.

ويؤكد الباحث أن التواصل هو “الأكسجين” للأعمال الإرهابية، وأن “داعش” استغل وسائل الإعلام الجديدة بشكل كامل لنشر رسائل الخوف والتأثير على المتلقين. وتستهدف هذه الدعاية دوافع نفسية مختلفة لدى الشباب، مثل البحث عن الانتقام، أو المكانة، أو الهوية، أو حتى الإثارة والمغامرة.

ألعاب الفيديو كسلاح

تعتبر لعبة “صليل الصوارم” مثالًا صارخًا على كيفية استغلال “داعش” لثقافة الشباب. فاللعبة، التي ظهرت لأول مرة على يوتيوب في يونيو 2014، هي في الأساس نسخة مُعدلة من لعبة “Grand Theft Auto” (GTA) الشهيرة. ورغم أنه ليس من الواضح ما إذا كانت اللعبة قد أُنتجت بشكل كامل أم اكتفت بالحملة الترويجية، إلا أن المؤكد أن من قام بتطويرها هم من أنصار التنظيم وليس من لجانه الإعلامية المركزية، خاصة وأن التنظيم رسميًا يقف ضد الأنشطة الترفيهية.

ويحمل غلاف اللعبة رسالة مباشرة ومقلقة موجهة للغرب وهي “ألعابكم التي تنتجونها، نحن نفعل نفس الأفعال بها في ساحات القتال!!”. هذه العبارة تهدف إلى طمس الخط الفاصل بين العنف الافتراضي والعنف الحقيقي، وتقديم صورة بطولية لمقاتلي التنظيم. وتستهدف اللعبة بشكل مباشر المراهقين الذكور الصغار الذين ينجذبون لألعاب إطلاق النار، من خلال استغلال رغبتهم في “تجربة خيالات القوة والشهرة”. ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها استخدام الألعاب لهذا الغرض، فقد سبق لتنظيم القاعدة أن عدّل لعبة “Quest for Saddam” لتصبح “Quest for Bush”، كما استخدم حزب الله وشركات سورية أخرى الألعاب لعرض روايات مضادة للسردية الغربية.

يوتيوب كساحة معركة

لتحليل تأثير اللعبة، قامت الدراسة بفحص مقاطع الفيديو العشرة الأكثر مشاهدة على يوتيوب حول “لعبة داعش صليل الصوارم” و199 تعليقًا عليها. وكانت النتائج كاشفة؛ فبينما كانت غالبية مقاطع الفيديو (6 من 10) مؤيدة للتنظيم، جاءت غالبية التعليقات (57.2%) معارضة وسلبية تجاه “داعش” واللعبة. وقد تركزت الانتقادات على أن اللعبة مجرد تعديل بسيط للعبة أمريكية شهيرة، وأن “داعش” لا يمثل الإسلام، مع الإشادة بالميليشيات الشيعية التي تقاتله.

ورغم ذلك، أظهر التحليل أن يوتيوب يظل منصة نشطة لأنصار التنظيم والمتعاطفين معه، الذين شكلت تعليقاتهم الإيجابية نسبة 33.6%. هؤلاء الأنصار غالبًا ما يربطون دعمهم للتنظيم بالدفاع عن “الإسلام السني” ضد “الشيعة”، وهو ما يعكس البعد الطائفي العميق في النقاشات.

وكشفت الدراسة عن أسلوب ممنهج يتبعه أنصار “داعش” في النقاشات عبر الإنترنت، أطلق عليه الباحث اسم “التصيد والتحريض والتفاعل”. يقوم هذا الأسلوب على مهاجمة أي تعليق سلبي ضد “داعش” بشكل عنيف ومنسق (Flaming)، واستخدام خطاب طائفي حاد لإثارة الفتنة (Trolling)، ثم الدخول في جدالات طويلة تهدف إلى إسكات الأصوات المعارضة، وفي بعض الأحيان، استقطاب بعض المستخدمين المحايدين (Engaging).

وتوضح الدراسة بالتفصيل كيف قام مستخدمان على يوتيوب، “ليث جمال” و”Gvhh Gbj”، بمهاجمة مستخدم آخر انتقد “داعش”، ثم استخدما خطابًا طائفيًا متصاعدًا لإجباره على إثبات انتمائه “السني”، قبل أن يعتذرا بشكل ساخر بعد أن نجحا في إخراجه عن موضوع النقاش الأصلي. هذه التقنية، التي تعتمد على التنسيق والمفاجأة، تشبه نموذج “Swarmcast” أو “الهجوم بالسرب”، وتُستخدم بشكل فعال في جهود “الجهاد 3.0” للتجنيد.

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

ظهور شكوك جديدة حول اختلال قدرات ترامب العقلية

المقالة التالية

إنفوجرافيك| أرامكو تقتنص نصف أرباح النفط العالمية