حصر السلاح.. الممر الإلزامي لإعادة الاستقرار للبنان

ديسمبر ٢١, ٢٠٢٥

شارك المقال

حصر السلاح.. الممر الإلزامي لإعادة الاستقرار للبنان

تحول حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية من مطلب سياسي مؤجل إلى استحقاق داهم يضع البلاد على مفترق طرق مصيري، خاصة بعد ضربات الاحتلال التي أطاحت بالهيكل القيادي لحزب الله وأضعفت قدراته العملياتية.

وتجد الحكومة اللبنانية نفسها اليوم، بقيادة الرئيس جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام، مدفوعة بزخم دولي تقوده واشنطن لتنفيذ "خطة الـ 11 بندًا" التي تهدف إلى إنهاء المظاهر المسلحة غير الشرعية قبل نهاية عام 2025، وسط انقسام داخلي حاد وتلويح بمواجهة قد تنزلق نحو حرب أهلية.

ضغوط لتحقيق حصر السلاح

تستغل الولايات المتحدة، عبر مبعوثها توم باراك، حالة الفراغ والارتباك التي يعيشها حزب الله عقب اغتيال أمينه العام حسن نصر الله والصف الأول من قادته، لفرض معادلة جديدة تقضي بتسليم الترسانة العسكرية مقابل حوافز اقتصادية وانسحاب الاحتلال من النقاط الحدودية.

ويرى مراقبون أن نجاح عملية حصر السلاح يعتمد بشكل أساسي على قدرة الجيش اللبناني على ملء الفراغ الأمني في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، وهي المناطق التي كانت تشكل الحصون المنيعة للحزب قبل الحرب الأخيرة.

وتشير دراسات لمراكز استراتيجية أن "ورقة باراك" الأمريكية قدمت إنذارًا نهائيًا للحكومة اللبنانية بضرورة إصدار مراسيم تنفيذية تلزم كافة الفصائل بتسليم أسلحتها الثقيلة، بما في ذلك الصواريخ الدقيقة والمسيرات، إلى مخازن الجيش.

وتراهن واشنطن على أن قطع خطوط الإمداد من سوريا بعد سقوط نظام الأسد سيجعل من عملية حصر السلاح أمرًا واقعًا لا مفر منه، حيث فقد الحزب الشريان الحيوي الذي كان يغذي ترسانته بالعتاد الإيراني، ما يجعله اليوم في أضعف حالاته اللوجستية منذ عقود.

انقسام حكومي وتحديات جغرافية في ملف حصر السلاح

واجهت مساعي السلطة اللبنانية لتنفيذ حصر السلاح عقبات سياسية كبرى داخل مجلس الوزراء، تمثلت في انسحاب الوزراء الشيعة احتجاجًا على ما وصفوه بـ "الإملاءات الأمريكية".

ويرى حزب الله، بلسان نصر الله قاسم، أن أي نقاش حول السلاح قبل الانسحاب الإسرائيلي الكامل وإعادة الإعمار هو "خطيئة كبرى"، مؤكدًا أن "سلاح المقاومة" محمي بالبيانات الوزارية السابقة، وهو ما يضع الحكومة في مواجهة مباشرة مع بيئة الحزب التي بدأت تتحرك في الشارع عبر مسيرات الدراجات النارية في بيروت والضاحية.

وتبرز التحديات الجغرافية كعائق تقني أمام خطة حصر السلاح، حيث تنقسم المهمة إلى ثلاث مناطق استراتيجية، تتمثل في منطقة جنوب الليطاني التي يبدي فيها الحزب تعاونًا محدودًا، والضاحية الجنوبية التي تمثل مركز ثقله السياسي، والبقاع الذي يضم مخازن الصواريخ الاستراتيجية.

ويخشى القادة العسكريون أن يؤدي الضغط لتنفيذ المهمة في البقاع تحديداً إلى صدام مسلح مباشر، نظرًا لحساسية هذه المنطقة وقربها من الحدود السورية، مما يجعل الجيش يفضل نهج "الخطوات المتدرجة" لتجنب إشعال فتيل الفتنة الداخلية.

سيناريوهات المواجهة

تقف المؤسسة العسكرية اللبنانية أمام اختبار هو الأصعب في تاريخها، حيث تضغط القوى السياسية المعارضة لحزب الله، مثل القوات اللبنانية وحزب الكتائب، لتسريع وتيرة حصر السلاح في كافة المناطق اللبنانية وليس الجنوب فقط.

وفي المقابل، تلوح إيران عبر مبعوثيها بضرورة "التشاور مع المقاومة"، في إشارة واضحة لرفض طهران تفكيك أداة ردعها الرئيسية في المنطقة، مما يحول القضية اللبنانية من شأن داخلي إلى ورقة تفاوض إقليمية كبرى بين واشنطن وطهران.

وإذا فشلت الحكومة في فرض قرار حصر السلاح عبر الوسائل الدبلوماسية، فإن البديل قد يكون "الخطة ب" التي لوح بها مسؤولون أمريكيون، وهي إعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل لتوسيع عملياتها العسكرية لتشمل تدمير مخازن السلاح في البقاع والعمق اللبناني.

ويضع هذا السيناريو لبنان أمام انهيار شامل لمؤسسات الدولة، حيث سيجد الجيش نفسه مضطرًا للاختيار بين التصدي للانتهاكات الإسرائيلية أو الدخول في مواجهة استنزاف مع عناصر الحزب الرافضين للقرار، ما يجعل رحلة استعادة السيادة محفوفة بالمخاطر الأمنية والسياسية.

الأكثر مشاهدة

أحصل على أهم الأخبار مباشرةً في بريدك


logo alelm

© العلم. جميع الحقوق محفوظة

Powered by Trend'Tech