في خطوة تعكس تصعيدًا إضافيًا في التوتر بين الولايات المتحدة وفنزويلا، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض حصار بحري يستهدف ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات، بهدف منعها من دخول أو مغادرة السواحل الفنزويلية، وأعاد هذا القرار مصطلح السفن الشبحية إلى الواجهة، وهي الوسيلة الأساسية التي تعتمد عليها كاراكاس للالتفاف على القيود المفروضة على صادراتها النفطية.
النفط شريان الاقتصاد الفنزويلي
تمتلك فنزويلا أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في العالم، وتعتمد بشكل شبه كامل على عائدات النفط لتمويل إنفاقها الحكومي، غير أن العقوبات الأمريكية المفروضة منذ عام 2019 على شركة النفط الحكومية الفنزويلية PDVSA جعلت تصدير الخام أكثر تعقيدًا، ودَفعت الحكومة إلى البحث عن بدائل غير تقليدية، كان أبرزها الاعتماد على السفن الشبحية.
أرقام تكشف حجم الظاهرة
بحسب بيانات موقع TankerTrackers.com، كان أكثر من 30 سفينة من أصل 80 سفينة موجودة في المياه الفنزويلية أو تقترب منها خاضعة للعقوبات الأمريكية حتى الأسبوع الماضي، وأكد ترامب، في منشور على منصة “تروث سوشيال” في 16 ديسمبر، أن هذه السفن هي الهدف المباشر لما وصفه بـ“الحصار الكامل والشامل” على ناقلات النفط المرتبطة بفنزويلا، وجاء ذلك بعد أيام من استيلاء الولايات المتحدة على ناقلة يُعتقد أنها جزء من الأسطول الذي يندرج ضمن السفن الشبحية.
من انهيار الصادرات إلى تعافي جزئي
مع فرض العقوبات عام 2019، تراجعت صادرات النفط الفنزويلية بأكثر من النصف، من نحو 1.1 مليون برميل يوميًا في يناير إلى قرابة 495 ألف برميل بنهاية العام نفسه، وبعد ست سنوات، ورغم استمرار العقوبات، عادت الصادرات لترتفع إلى حوالي 920 ألف برميل يوميًا اعتبارًا من نوفمبر، وفق تقديرات حديثة.
هذا التعافي الجزئي، رغم أنه بعيد عن ذروة 3 ملايين برميل يوميًا المسجلة عام 1998، يُظهر أن السفن الشبحية لعبت دورًا محوريًا في كسر أثر العقوبات.
السفن الشبحية .. ظاهرة عالمية تتجاوز فنزويلا
لا تقتصر الأساطيل الشبحية على فنزويلا وحدها، إذ تستخدمها أيضًا دول أخرى خاضعة لعقوبات غربية مثل روسيا وإيران، وتشير تقديرات شركات متخصصة إلى أن واحدة من كل خمس ناقلات نفط حول العالم تُستخدم في تهريب نفط دول معاقَبة.
وضمن هذا الأسطول، تنقل 10% من السفن النفط الفنزويلي فقط، مقابل 20% للنفط الإيراني و50% للنفط الروسي، بينما تبقى النسبة المتبقية متعددة الوجهات.
كيف تعمل السفن الشبحية؟
تعتمد السفن الشبحية على مجموعة من الحيل المعقدة لإخفاء هويتها الحقيقية، ومن أبرز هذه الأساليب تغيير أسماء السفن وأعلامها بشكل متكرر، أحيانًا عدة مرات خلال شهر واحد، كما تلجأ بعض الناقلات إلى تعطيل أو تزوير أنظمة التعريف الآلي، ما يسمح لها بإخفاء مواقعها أو الظهور في أماكن مختلفة عن موقعها الحقيقي.
نماذج على التلاعب والتمويه
من الأمثلة البارزة ناقلة النفط المعروفة حاليًا باسم “ذا سكيبر”، والتي فُرضت عليها عقوبات أمريكية منذ عام 2022، هذه السفينة غيّرت اسمها عدة مرات، وكانت مرتبطة سابقًا بشبكات تهريب نفط دولية، ويبلغ عمرها نحو 20 عامًا، وهو عمر شائع بين السفن الشبحية، إذ غالبًا ما تتخلص شركات الشحن الكبرى من السفن بعد 15 عامًا من الخدمة.
“سفن الزومبي” وسرقة الهويات
من أكثر الأساليب إثارة للقلق ما يُعرف بـ“سفن الزومبي”، وهي ناقلات تسرق هوية سفن خردة مفككة باستخدام أرقام تسجيل بحرية قديمة، وفي إحدى الحالات، كشفت تحقيقات عن سفن تحمل نفطًا فنزويليًا بهويات سفن فُككت منذ سنوات، ما يعكس درجة عالية من الاحتيال داخل منظومة السفن الشبحية.
مستقبل غامض للأسطول الوهمي
مع تكثيف الوجود العسكري الأمريكي في البحر الكاريبي، وقيام حاملة الطائرات “يو إس إس جيرالد فورد” بدور مباشر في عمليات الاستيلاء، يبدو أن قدرة فنزويلا على الاعتماد على السفن الشبحية قد تتراجع،. غير أن استمرار الطلب العالمي على النفط، والخصومات الكبيرة التي تقدّمها الدول الخاضعة للعقوبات، يعني أن هذه الظاهرة قد لا تختفي قريبًا، بل قد تتخذ أشكالًا أكثر تعقيدًا.
تمكنك أن تقرأ أيضًا:
كوبا تنفي أي حوار مع واشنطن حول مستقبل فنزويلا














