تقود حزمة متسارعة من إصلاحات سوق الأسهم السعودية إلى تعزيز ثقة المستثمرين في أن المملكة تمضي في مسار مدروس للتحول من اقتصاد يعتمد على النفط إلى وجهة استثمارية عالمية قادرة على منافسة المراكز المالية الكبرى، وذلك على الرغم من التحديات قصيرة الأمد التي تواجهها السوق حاليًا من تراجع في أحجام التداول وأداء الأسهم.
وتهدف هذه الخطوات، التي تمثل جزءًا محوريًا من رؤية 2030، إلى بناء أسواق مالية أكثر قوة وانفتاحًا لجذب رأس المال الأجنبي، الذي تعول عليه المملكة للمساعدة في دفع عجلة النشاط الاقتصادي ودعم الصناعات الجديدة.
وفي هذا السياق، تقول جيتانيا كاندهاري من “مورغان ستانلي لإدارة الاستثمار” إن “السعودية تريد أن تكون لاعبًا ماليًا عالميًا مثل الإمارات وسنغافورة، وكل هذه الإصلاحات تشير إلى انتقال واعٍ من اقتصاد نفطي إلى وجهة استثمارية عالمية”.
تفاصيل إصلاحات سوق الأسهم السعودية وتحدياتها
شهد شهر يوليو وحده سلسلة من التغييرات الجذرية، حيث سمحت هيئة السوق المالية لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي بتداول الأسهم السعودية مباشرة، وأتاحت للشركات الأجنبية خيار طرح شهادات إيداع دولية، بالإضافة إلى تسهيل قواعد عمل الصناديق ومديري الأصول.
وتأتي هذه الحزمة استكمالًا لجهود سابقة شملت تنويع الاكتتابات العامة الأولية وجذب شركات التداول عالية التردد.
وبدأت نتائج هذه إصلاحات سوق الأسهم السعودية بالظهور، إذ شكل الأجانب من خارج دول الخليج نسبة قياسية بلغت 35% من مشتريات الأسهم في الربع الثاني من العام.
وعلى الرغم من هذه الإشارات الإيجابية، تواجه السوق تحديات آنية، حيث أدت عمليات بيع حديثة إلى وصول تقييمات الأسهم السعودية إلى أدنى مستوياتها منذ ما يقرب من تسع سنوات مقارنة بالأسواق العالمية.
كما انخفض متوسط قيمة التداول اليومي إلى 1.25 مليار دولار في يوليو، وهو أدنى مستوى له منذ أكثر من عامين، مما يؤكد أن ترجمة أثر إصلاحات سوق الأسهم السعودية إلى نشاط تداول فعلي سيستغرق وقتًا.
وفي ظل تداول أسعار النفط دون 70 دولارًا للبرميل، يصبح جذب الاستثمار الأجنبي أولوية قصوى، ومع ذلك، يرى المستثمرون أن القرارات المالية للمملكة، مثل خفض ميزانيات بعض المشاريع، تتسم بالبراغماتية، مما ساهم في تدفقات استثمارية متواصلة هذا العام.
ويؤكد الخبراء أن الاستمرار في تنفيذ إصلاحات سوق الأسهم السعودية هو العامل الأهم لبناء الثقة، حتى لو استغرق جني ثمارها وقتًا طويلًا، حيث يعتمد أداء السوق على المدى القصير على النمو الاقتصادي المرتبط بأسعار النفط.