في كثير من الأحيان عندما يبدأ الناس في الشعور بالقلق أو الحزن أكثر مما ينبغي، فيكون الاعتقاد الشائع هو أنهم مصابون بالقلق أو الاكتئاب، ولكن في الحقيقة فإن هناك اضطراب آخر يمكن أن يكون السبب، وهو ما يعرف باسم “اضطراب التكيف” والذي تشبه أعراضه مشكلات عقلية أخرى، ولكن مع فارق واحد مهم أنه ينتج عن حدث حياتي مرهق، وعلى الرغم من أنه يصيب الأطفال بشكل أكبر، إلا أنه صار أكثر انتشارًا لدى البالغين خاصة بعد ظهور فيروس كورونا وما نتج عنه، لذا إليك ما تحتاج إلى معرفته حول اضطرابات التكيف، وكيفية اكتشاف العلامات الموجودة في نفسك وفي الآخرين، وكيفية علاجها.
ما هي اضطرابات التكيف؟
ترتبط اضطرابات التكيف إلى حد كبير بالأحداث شديدة التوتر، عندما يحدث شيء مرهق للغاية – الطلاق، أو فقدان الوظيفة، أو وفاة أحد أفراد الأسرة، أو وقوع حادث يتسبب في فقدان منزلك أو إصابتك بجروح خطيرة، أو أي عدد من الأشياء الأخرى – لا يستطيع الناس أحيانًا التعافي. وقد يشعرون بأعراض الاكتئاب أو القلق أو كليهما. وقد يبدأون في التصرف بشكل سلوكي أو يصبحون غير قادرين على تناول الطعام أو التركيز على العمل أو الحياة.
يقول ليندساي هندرسون، الطبيب النفسي أنه في حين أنه من الطبيعي أن تشعر بالحزن أو القلق أو الإرهاق بعد تعرضك لضغوط كبيرة، إلا أنه عندما تعاني من اضطراب التكيف، ترتفع هذه المشاعر إلى درجة غير متناسبة مع الضغوطات نفسها أو تستمر لفترة أطول من المعتاد.
ما هي علامات اضطرابات التكيف؟
هناك عدة علامات يمكن أن تؤكد لك إصاباتك باضطراب التكيف، وهي:
مشابه للاكئتاب
في كثير من الأحيان، تبدو اضطرابات التكيف مشابهة للاكتئاب أو القلق. “عندما ننظر إلى تشخيص اضطرابات التكيف، يمكننا أن نصنف ونقول: “هذا اضطراب التكيف مع مزاج مكتئب،” أو “هذا اضطراب التكيف مع القلق،” أو يمكن أن يكون مزيجًا من الاكتئاب والقلق.” يقول الدكتور هندرسون.
مشكلات التركيز
بشكل عام، تظهر اضطرابات التكيف أيضًا أعراضًا مثل صعوبة التركيز أو مشكلة في الذاكرة. جينا شوستر، LMSW، معالجة في عيادة أوكلاند النفسية ، ترى المرضى الذين يقولون “أنا كثير النسيان الآن ولم أعتد أن أكون بهذه الطريقة أبدًا”؛ “أشعر بالارتباك طوال الوقت؛” أو “لا أستطيع العثور على الكلمات الصحيحة.”
كيف أثر كوفيد-19 على اضطرابات التكيف؟
لن يكون مفاجئًا أن فيروس كورونا كان أحد الضغوطات الكبيرة، وذلك وفقًا لدليل جونز هوبكنز للطب النفسي، إذ يمكن أن تكون محفزات اضطرابات التكيف ضغوطًا تؤثر على مجتمعات بأكملها، إذ فقد العديد منهم عملهم، وأحباءهم، واضطروا إلى تفويت إنجازات مهمة مثل التخرج من المدرسة الثانوية أو الكلية، وبدء رياض الأطفال، وإقامة حفلات الزفاف.
تضاف كل هذه الضغوطات إلى زيادة كبيرة في عدد الأشخاص الذين يبحثون عن العلاج لإيجاد طريقة للتعامل مع المرض، وبحسب تقرير لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) نُشر في 14 أغسطس وفحص الصحة العقلية في الولايات المتحدة خلال أسبوع واحد في يونيو 2020، أن 40٪ من البالغين أفادوا بأنهم يعانون من مشاكل في الصحة العقلية أو تعاطي المخدرات، كما أبلغ أكثر من 25% من 5412 شخصًا شاركوا في الاستطلاع عن تعرضهم لأعراض القلق، والذي يزيد بنسبة 8% عما كان قبل الوباء، وكان انتشار الاكتئاب أكبر بأربع مرات مما كان عليه قبل الوباء (24.3% ارتفاعًا من 6.5%).
كيف يتم علاج اضطرابات التكيف؟
الخبر السعيد أن اضطراب التكيف مرض يمكن علاجه عبر هذه الاستراتيجيات، وهي:
إيجاد السبب
يتم علاج اضطرابات التكيف التي تظهر على شكل اكتئاب أو قلق أو كليهما بشكل مشابه لتلك الاضطرابات، عبر إيجاد الضغوطات التي أدت إلى اضطراب التكيف، ويقول شوستر: “نريد أن نكون قادرين على تحديد المحفزات”والذي يتم في الغالب عبر ممارسة ما يعرف بتمارين اليقظة الذهنية التي تهدف إلى مساعدة الأشخاص الذين قد يكونون على وشك التعرض لنوبة هلع أو تائهين في أفكار اكتئابية للتركيز على مسببات المشكلة.
مهارات التأقلم
يمكن للمريض أن يمارس ويتعلم مهارات التأقلم من خلال الاعتماد على جميع الحواس الخمس، وذلك عبر التوقف والنظر حولك، وذكر خمسة أشياء يمكنك رؤيتها. ثم، أربعة أشياء يمكنك لمسها، وثلاثة أشياء يمكنك سماعها، وشيئين يمكنك شمهما، وإذا أمكن، شيء واحد يمكنك تذوقه، إذ تساعد مهارات التأقلم مثل هذا التمرين في إعادة الأشخاص الذين يشعرون بالإرهاق إلى اللحظة الحالية.
العلاج السلوكي المعرفي
يعمل الدكتور هندرسون أيضًا مع المرضى على العلاج السلوكي المعرفي، والذي يهدف إلى تغيير طريقة تفكيرنا وتقديم آليات التكيف عندما تبدأ الأفكار السلبية في الظهور بشكل مكثف، فغالبًا ما يكون المرضى أسرى شكلين من التفكير السلبي، وهما: التفكير الكارثي والتفكير بالأبيض والأسود.
والتفكير الكارثي هو افتراض أن الأسوأ سوف يحدث، بينما التفكير بالأبيض والأسود هو رؤية الأشياء كلها جيدة أو كلها سيئة، وعدم السماح بحل وسط.”
يعمل الدكتور هندرسون مع الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات التكيف لفحص أفكارهم وسلوكياتهم وإجراء تغييرات صغيرة في أنماط تفكيرهم، مما قد يؤدي إلى تحسين الحالة المزاجية بشكل عام.
نمط حياة صحي
من المهم بالطبع أيضًا أن تكون استباقيًا، أي تحمي نفسك قبل الإصابة بالمرض بدلاً من مجرد الاستجابة له، لذا من الضروري تناول الطعام بشكل جيد والنوم لعدد ساعات كافية وشرب كميات معقولة من المياه وممارسة الرياضة.
تدوين المشاعر
يقترح شوستر تدوين مشاعرك بالعموم لتتبع صحتك العقلية، إذ أنها تمكنك من النظر إلى الوراء ورؤية أنك تتأقلم بشكل أفضل، وأن الأمور تتحسن، كل هذا يساعدك ويحفزك للشفاء، ويجعلك تفهم نفسك بشكل أفضل.
مساعدة الآخرين
طريقة أخرى بسيطة لتعزيز سعادتك هي أن تفعل شيئًا لطيفًا للآخرين، إذ تظهر الأبحاث أن الناس يكونون أكثر سعادة عندما يساعدون الآخرين، لذا قم بإعداد فطيرة ووزعها على جيرانك، أو اذهب لشراء البقالة لأجدادك، أو قم بالتبرع لمنظمة تحافظ على سلامة الناس، فالقليل من العمل الخيري يقطع شوطًا طويلا في تحسين لمزاج.
ماذا تشرب أثناء ممارسة الرياضة؟
هل تساعد النظارات التي تمنع الضوء الأزرق في تخفيف إجهاد العين؟ دراسة تجيب