يونيو ٢٧, ٢٠٢٥
تابعنا
نبض
logo alelm
هل فعلاً يغنيك التفاح عن زيارة الطبيب؟.. العلم يجيب

لابد أنك سمعت يومًا بفوائد التفاح عند تناوله يوميًا، حتى إن هناك مقولة شهيرة في العالم الغربي تقول “كُل تفاحة عند الذهاب إلى الفراش، فلن يكسب الطبيب قوت يومه”، فهل لهذه الفاكهة الصغيرة هذا التأثير الصحي الكبير؟وهل يمكن لتفاحة واحدة في اليوم أن تكون درعًا واقيًا من الأمراض؟

في هذا التقرير، نغوص في عمق الأبحاث العلمية لنكشف الحقيقة الكاملة وراء “أسطورة التفاح”..

لماذا يُعد التفاح مفيدًا لصحتنا؟

هذه الفاكهة غنية بالمركبات النباتية؛ ومن أبرزها مركبات الفلافانول، التي ارتبطت بالعديد من الفوائد الصحية، مثل الحفاظ على وزن صحي وتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب.

ويحتوي التفاح على مجموعة متنوعة من البوليفينولات، من بينها الأنثوسيانين الذي يُكسب بعض الأنواع القشرة الحمراء، وهو أيضًا مرتبط بتحسين صحة القلب، كما يوجد مركب الـ”فلوريدزين”، الذي يساعد على تنظيم مستويات السكر في الدم.

إلى جانب ذلك، فإنه مصدرًا غنيًا بالألياف، خاصة “البكتين”، وهو نوع من الألياف يساعد على تقليل الكوليسترول الضار، وكمية السكر والدهون التي يمتصها الجسم من الطعام.

في عام 2017، كشفت مراجعة بحثية أن تناول التفاح مرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني بنسبة 18%، كما أظهرت مراجعة أخرى في عام 2022، أن تناول المزيد من التفاح أو المنتجات المشتقة منه يمكن أن يُقلل من مستويات الكوليسترول، بشرط الاستمرار لأكثر من أسبوع.

اتباع نظام غذائي صحي بوجه عام يُقلل خطر الإصابة بالسرطان بنسبة تصل إلى 40%، ويرجع ذلك بدرجة كبيرة إلى المركبات النشطة بيولوجيًا، أو ما يُعرف بالمواد الكيميائية النباتية، والتي تتوفر بكثرة في التفاح، بل إن بعض الدراسات ربطت بين استهلاكه وانخفاض احتمالية الإصابة بأنواع معينة من السرطان.

التفاح

هل التفاح هو الأكثر فائدة؟

تناول التفاح بانتظام يرتبط بفوائد صحية متعددة، فهو غني بالمواد المفيدة للجسم، لكن يبقى السؤال: هل يتميز بفعالية أكبر من غيره من الأطعمة النباتية في الحفاظ على صحتنا؟

تُجيب الدكتورة جانيت كولسون، أستاذة التغذية وعلوم الأغذية في جامعة ولاية تينيسي الوسطى بالولايات المتحدة، قائلة: “التفاح لا يحتوي على الكثير من فيتامين C، ولا على الحديد أو الكالسيوم، لكنه غني بمكونات أخرى كثيرة تُعزز الصحة وتقوم بوظائف رائعة في الجسم”.

ويشير بعض الباحثين إلى أن للتفاح “ثاني أعلى مستوى من القوة المضادة للأكسدة بين جميع الفواكه”.

توضح الدكتورة فلافيا غوزو، أستاذة بيولوجيا النبات في جامعة فيرونا بإيطاليا، أن التفاح يحتوي على مركبات شائعة في العديد من الفواكه والخضروات، من بينها البوليفينولات؛ وهي مركبات مضادة للأكسدة قوية، تُساعد على تحقيق التوازن بين مضادات الأكسدة والجذور الحرة في أجسامنا.

ومن خلال السيطرة على هذه الجذور، نقلل من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السرطان وأمراض القلب الناتجة عن الالتهابات طويلة الأمد.

ويحتوي التفاح على مركب “فلوريدزين”، وهو نوع من البوليفينولات نادر الوجود في باقي الفواكه الشائعة، ويبدو أن هذا المركب، مثل البكتين، يُقلل من كمية السكر التي يمتصها الجسم من الطعام.

لكن لا تكمن أفضلية التفاح في البوليفينولات القوية أو قدرته العالية على مقاومة الأكسدة فحسب، بل في سهولة الحصول عليه وانتشاره الواسع، وهو ما يجعل من تناول التفاح بانتظام عادة صحية واقعية يمكن للغالبية الالتزام بها، على عكس بعض الفواكه الأخرى الأقل توفرًا أو الأعلى سعرًا.

من المعروف أن التفاح يتمتع بفوائد صحية محتملة، لكن القول إن تناول تفاحة يوميًا يغنينا تمامًا عن زيارة الطبيب يُعد مبالغة.

لحسن الحظ، تناولت دراسة أُجريت عام 2015 هذا الادعاء بشكل مباشر. فقد استند الباحثون إلى بيانات مسح شمل نحو 9,000 مشارك، أفادوا بما تناولوه خلال 24 ساعة، باعتبار أن هذا يعكس نمطهم الغذائي المعتاد.
أظهرت النتائج أن الأشخاص الذين يتناولون التفاح بانتظام كانوا أقل ميلًا لزيارة الطبيب مقارنة بغيرهم. إلا أن هذه الفروق لم تكن ذات دلالة إحصائية قوية بعد أخذ عوامل أخرى في الحسبان، مثل مستوى التعليم ومعدل التدخين، إذ إن محبي التفاح غالبًا ما يكونون أكثر وعيًا صحيًا.

يعلق الباحث الرئيسي، الدكتور ماثيو ديفيس، الأستاذ المساعد في علم الأوبئة بكلية طب “غايزل” بجامعة دارتموث: “النتيجة الأساسية تُظهر أن تناول التفاح يوميًا لا يرتبط بشكل واضح بانخفاض عدد زيارات الطبيب، لأن المسألة أكثر تعقيدًا مما يبدو.”

ويضيف: “المقولة تفترض أن الناس يزورون الطبيب فقط عند المرض، بينما في الواقع كثيرون يذهبون للفحوصات الدورية. ولهذا قمنا بتحليل العلاقة بين تناول التفاح واستخدام الأدوية الموصوفة أيضًا.”

التفاح

النتيجة اللافتة؟

أظهرت الدراسة أن من يتناولون تفاحة يوميًا كانوا أقل اعتمادًا على الأدوية الموصوفة – وهي نتيجة حافظت على أهميتها الإحصائية حتى بعد مراعاة العوامل الاجتماعية والاقتصادية.
بناءً عليه، يقترح الباحثون أن المقولة الأكثر دقة قد تكون: “تفاحة في اليوم قد تغنيك عن زيارة الصيدلي”.

ويشير ديفيس إلى أن التفاح ربما يُساهم في تقليل مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة، لكنه يُشدد على أن تناوله وحده لا يكفي، فالغذاء المتوازن هو العنصر الأهم. ويضيف: “هذا هو جوهر المقولة في الأساس”.

تتفق معه الدكتورة جانيت كولسون، أستاذة علوم التغذية، موضحة أن الهدف من المقولة هو التشجيع على تناول الأغذية النباتية بانتظام. وترى أن التفاح مثال ممتاز لذلك، ليس فقط بسبب فوائده الصحية، بل لأنه متاح، وسعره مناسب، ويمكن تخزينه لفترات طويلة.

وتقول: “قبل اختراع الثلاجات، كان الناس يُخزّنون التفاح في الأقبية لفترات طويلة دون أن يفسد”.

التفاح

ماذا تقول دراسات أخرى؟

بعض الأبحاث أشارت إلى أن تناول أكثر من تفاحة واحدة يوميًا قد يُحقق فوائد صحية أكبر.

ففي دراسة نُشرت عام 2020، شملت 40 مشاركًا يعانون من ارتفاع طفيف في الكوليسترول، قُسّموا إلى مجموعتين: تناولت الأولى تفاحتين يوميًا، بينما حصلت الثانية على مشروب تفاح بسعرات حرارية مماثلة. وبعد ثمانية أسابيع، ومن دون أي تغييرات أخرى في نظامهم الغذائي، لوحظ أن المجموعة التي تناولت التفاح انخفض لديها الكوليسترول بشكل ملحوظ.

لكن يجب الإشارة إلى أن حجم العينة الصغير يُحد من القدرة على تعميم النتائج.

وفي دراسة أخرى، أظهر تناول ثلاث تفاحات يوميًا تحسنًا في الوزن ومستويات الجلوكوز، إلا أن بعض النتائج لم تكن ذات دلالة إحصائية عند المتابعة.
كيف نستفيد أكثر من التفاح؟

توصي الباحثة فلافيا غوزو بعدم تقشير هذه الفاكهة قبل تناوله، موضحة أن “القشر يحتوي على الجزء الأكبر من البوليفينولات، وهي مركبات مضادة للأكسدة تعود بفوائد صحية عديدة”.

وتشير غوزو إلى أن الأصناف القديمة من التفاح تتفوق غالبًا على الحديثة من حيث القيمة الغذائية. ففي دراسة نُشرت عام 2021، تبين أن نوعًا قديمًا يُعرف باسم Pom Prussian، ينمو في شمال إيطاليا، يحتوي على مستويات أعلى من البوليفينولات مقارنة بالأصناف التجارية الحديثة.

وتفسّر هذا الفرق بقولها إن التركيز عند تطوير أنواع جديدة من التفاح ينصب عادةً على تحسين الطعم والحجم وقوة تحمل الشجرة، لا على تعزيز الفائدة الصحية. كما أن بعض البوليفينولات تُضفي طعمًا مرًّا، لذا تميل الأنواع الأكثر حلاوة إلى احتوائها بكميات أقل.

أما من حيث لون القشرة، فتؤكد غوزو أن اللون – سواء كان أحمر أو أخضر – لا يُحدث فرقًا كبيرًا في الفائدة، إذ يحتوي كلا النوعين على مركبات مفيدة للصحة.

تناول تفاحة واحدة يوميًا قد لا يُغنيك تمامًا عن زيارة الطبيب، لكنه بالتأكيد يُساهم في تعزيز صحتك العامة والتقليل من اعتمادك على الأدوية على المدى الطويل.

شارك هذا المنشور:

السابقة المقالة

كيف جعلت الصين السيارات الكهربائية شائعة الاستخدام؟

المقالة التالية

«تشات جي بي تي» يحل لغزًا طبيًا استعصى على الأطباء لخمس سنوات