يستعرض هذا المقال تصنيفًا لأكثر الدول كثافة سكانية بالأطفال وذلك بناءً على نسبة السكان الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا في عام 2025 وتستند البيانات المستخدمة في هذا التحليل إلى تقديرات الأمم المتحدة الواردة في تقرير “التوقعات السكانية العالمية” لعام 2025. ففي الوقت الذي تشهد فيه العديد من المناطق ارتفاعًا في نسبة كبار السن، لا يزال الأطفال يشكلون غالبية السكان في أجزاء واسعة من منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وهو ما يؤثر بشكل كبير على مختلف جوانب الحياة، بدءًا من حجم الفصول الدراسية وصولًا إلى طبيعة الأسواق الاستهلاكية.
تتصدر جمهورية أفريقيا الوسطى قائمة الدول التي لديها أعلى نسبة من الأطفال في العالم، حيث تبلغ نسبة السكان الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا فيها 56.2%، أي ما يعادل 3.1 مليون نسمة من إجمالي عدد السكان البالغ 5.5 مليون نسمة في عام 2025. وتليها في الترتيب كل من النيجر بنسبة 53.3% (14.9 مليون طفل من إجمالي 27.9 مليون)، والصومال بنسبة 53.0% (10.4 مليون من 19.7 مليون)، ومالي بنسبة 52.9% (13.3 مليون من 25.2 مليون)، وتشاد بنسبة 52.7% (11.1 مليون من 21.0 مليون)، والكونغو الديمقراطية بنسبة 52.5% (59.2 مليون من 112.8 مليون). وتجدر الإشارة إلى أن التقديرات تشير إلى أن حوالي نصف السكان في 11 دولة يقل أعمارهم عن 18 عامًا، بما في ذلك النيجر ومالي وتشاد.
من اللافت للانتباه أن جميع الدول العشر الأولى في هذا التصنيف تقع في قارة أفريقيا، وأن سبعًا منها تحديدًا تقع في منطقة الساحل أو حزام وسط أفريقيا. وتتجاوز معدلات الخصوبة في هذه المنطقة بشكل روتيني خمسة مواليد لكل امرأة، ولم ينعكس الانخفاض في معدلات وفيات الأطفال بعد على أحجام الأسر، التي لا تزال كبيرة نسبيًا.
سيحافظ هذا الزخم الديموغرافي على نمو السكان حتى في حال انخفاض معدلات المواليد، مما يخلق ما يسميه الاقتصاديون “الفورة الشبابية” – وهي فرصة محتملة لتحقيق مكاسب اقتصادية إذا استطاعت الدول توفير فرص العمل والتعليم بما يتناسب مع أعداد الشباب المتزايدة، ولكنها قد تتحول إلى عامل خطر لعدم الاستقرار إذا لم يتم ذلك. وتُعد نيجيريا مثالًا جيدًا يوضح هذه الظاهرة.
على الرغم من أن نسبة الأطفال في نيجيريا (47.5%) تحتل المرتبة 21 في هذا التصنيف، إلا أن ما يميزها هو حجمها الهائل: حيث يبلغ عدد النيجيريين الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا 112.8 مليون نسمة في عام 2025. هذا الرقم يقارب إجمالي عدد سكان الفلبين، التي تحتل المرتبة 13 كأكثر دول العالم اكتظاظًا بالسكان. وقد بدأ بالفعل السوق الشبابي المزدهر في نيجيريا في جذب الاستثمارات في قطاعات التكنولوجيا المالية، وتكنولوجيا التعليم، والترفيه. ومع ذلك، فإن هذه الأعداد الهائلة تفرض ضغوطًا كبيرة على شبكات الطاقة، والفصول الدراسية، وأسواق العمل، مما يؤكد على أهمية الإصلاحات المستمرة في مجالي التعليم والبنية التحتية. ويمكن أن يؤدي تهميش الشباب إلى اضطرابات اجتماعية، كما أنهم قد يصبحون أهدافًا سهلة لجماعات إرهابية. وبالتالي، فإن فهم أماكن تواجد أطفال العالم أمر بالغ الأهمية لأسباب عملية مثل تخطيط المدارس، والبنية التحتية الرقمية، والخدمات الصحية، وهو ما يترجم بدوره إلى تماسك اجتماعي وتنمية أوسع.
