علوم

نيو ميكسيكو.. الولاية الأمريكية التي كانت فريسة لاختبار “أوبنهايمر” النووي

مع بداية عرض فيلم أوبنهايمر للمخرج كريستوفر نولان في دور العرض، أعاد العمل الفني إلى الأذهان تاريخ القنبلة الذرية، وتحديدًا الأضرار التي لحقت بولاية نيومكسيكو الأمريكية بسببها.

وتدور قصة الفيلم حول “أبو القنبلة الذرية” الفيزيائي والكيميائي الأمريكي، روبرت أوبنهايمر، والذي أوكلت إليه السلطات الأمريكية في أربعينيات القرن الماضي، مهمة تطوير سلاح نووي لمواجهة النازيين الألمان.

ووضعت تجارب أوبنهايمر قاعدة الأساس لبرامج التسليح النووي، والآثار المدمرة للقنبلة الذرية على البشرية، بما فيها القنابل التي أُلقيت على هيروشيما ونجازاكي.

ما علاقة نيو مكسيكو بالقنبلة الذرية؟

خلال 16 يوليو من عام 1945، كانت باربرا كينت ذات الـ 13 عامًا في رحلة تخييم مع مدرستها في ولاية نيومكسيكو، حينما سمعت دوي انفجار ضخم بالقرب منها.

عندما خرجت كينت لاستطلاع الأمر، كانت هناك شيء أشبه بالثلوج يتساقط في كل مكان، على الرغم من أنهن في شهر يوليو، وبدأت الطالبات في ملامسة المادة البيضاء بأيديهن ووضعوها على وجوههن مستمتعات بما اعتقدوا أنه ثلج.

وبمرور سنوات، اكتشفت كينت أن المادة البيضاء لم تكن ثلجًا، بل إنها تداعيات من أول انفجار قنبلة ذرية في الولايات المتحدة.

ومن بين 12 فتاة حضرن المخيم، كانت كينت هي الناجية الوحيدة على قيد الحياة، وتوفي الـ11 الآخريات من سرطانات مختلفة، كما توفيت معلمة الرقص في المخيم ووالدة كينت، التي كانت تقيم في مكان قريب.

ولاحقًا، تم تشخيص كينت بأربعة أنواع مختلفة من السرطانات نفسها، وكانت واحدة من العديد من الأشخاص في نيو مكسيكو الذين تعرضوا عن غير قصد لتداعيات انفجار القنبلة الذرية الأولى.

وبعد الاختبار بسنوات، تم اكتشاف إصابة آلاف السكان بأمراض سرطانية وأخرى ناجمة عن الانفجار النووي.

ماذا حدث في الانفجار؟

خلال حادث نيومكسيكو، انفجرت حوالي 21 كيلو طن من المواد النووية، أي أكثر من 1.5 مرة أكبر من قنبلة هيروشيما، ونتج عنها ضوء قوي يمكن رؤيته على بعد أكثر من 280 ميلًا من موقع الاختبار.

في البداية، أصدر قادة مشروع مانهاتن الذي أُقيم في مدينة “لوس آلاموس” التي اختارها أوبنهايمر لإجراء التجارب، بيانًا صحفيًا زعموا فيه أن الانفجار نجم عن تفجير ذخيرة وألعاب نارية، ولكن مع مغادرة المسؤولين الحكوميين لولايتهم، تُرك سكان نيو مكسيكو ليعيشوا بكميات هائلة من التداعيات الخطيرة.

وانفجر حوالي 3 أرطال فقط من البلوتونيوم الموجود في قنبلة اختبار”ترينتي”، من أصل 13 رطلًا، والباقي ارتفع على هيئة سحابة من الغبار والملوثات في الغلاف الجوي وهو ما كان له عواقب وخيمة على منطقة بطول 250 مييلًا وعرض 200 ميل.

وكان الإشعاع في بعض مناطق نيومكسيكو أعلى بـ 10 آلاف مرة من المستويات الآمنة، بحسب تقرير صادر عن مشروع لوس ألاموس التاريخي وتقييم الاسترجاع، في عام 2010.

وقال مركز السيطرة على الأمراض ومختبر لوس ألاموس الوطني، إن المكسيكيين الجدد لم يتم تحذيرهم بشأن اختبار ترينيتي، كما لم يتم توفير احتياطات السلامة أو النظام الغذائي بعد الانفجار.

حجم التأثير خلال الأشهر الأولى بعد الانفجار

في أعقاب الاختبار، لاحظ الأطباء في نيومكسيكو ارتفاعًا في وفيات المواليد الرضع، وبعد شهر واحد من اختبار القنبلة، وتحديدًا في أغسطس، بلغ عدد الوفيات حوالي 34 رضيعًا.

وبعد أكثر من 70 عامًا، كشفت بعض الوثائق أن معدل وفيات الرضع في نيو مكسيكو كان أعلى بنسبة 56٪ في عام 1945 مقارنة بالسنوات السابقة.

وفي وقت لاحق من الاختبار، أصيب العديد من الأطفال بسرطان الدم، نتيجة لشرب لبن الأبقار التي تعرضت للإشعاع، أو التواجد في اتجاه الرياح القادمة من مكان الانفجار النووي، وفق اعتقاد بعض السكان المحليين.

وخلال السنوات اللاحقة للاختبار أيضًا، ارتفعت معدلات الإصابة بالسرطان بين البالغين.

وبعد مرور 76 عامًا على اختبارات ترينتي، ما زال يعاني بعض الأمريكيين من الآثار المدمرة جراء الانفجار.

وعلى مدار سنوات كافح النشطاء من أجل زيادة التعويضات للأسر التي تضررت من هذا الانفجار، من خلال جهود في مجلسي النواب والشيوخ.

ما الفرق بين القنبلة النووية والذرية؟

“مُدمّر العوالم”.. من هو “روبرت أوبنهايمر” الحقيقي؟

لماذا حاولت الولايات المتحدة تفجير قنبلة نووية على سطح القمر؟