منوعات صحة

لماذا لا يستطيع البعض التمييز بين اليمين واليسار؟

ربما يعتقد البعض أن الأطفال فقط دون غيرهم من يخلطون بين اتجاهي اليمين واليسار، ولكن المفاجأة أن عددًا لا بأس به من البالغين لديهم نفس المشكلة.

وفيما يرى البعض أن التمييز بين الاتجاهات أمر في غاية السهولة، يعاني آخرون من صعوبة ذلك، فقد أثبتت دراسة حديثة، أن واحدًا من كل 6 أشخاص يواجه مشكلة في التمييز بين الاتجاهات، حتى لأولئك الذين يعتقدون أنه ليس لديهم مشاكل، فإن المشتتات مثل الضوضاء المحيطة، أو الاضطرار إلى الإجابة على أسئلة غير ذات صلة، يمكن أن تعرقل اتخاذ القرار الصحيح.

لماذا اليمين واليسار؟

تقول أستاذة علم النفس العصبي في جامعة Leiden في هولندا، إينيك فان دير هام، إنه عادة لا يخلط الأشخاص بين الاتجاهين أعلى وأسفل أو الأمام والخلف، ولكن الأمر مختلف عند الحديث عن اليمين واليسار.

وأرجعت عالمة النفس ذلك إلى التماثل، فعندما تستدير يتم عكس الاتجاهات وهو ما يجعل الأمر محيرًا.

وفي الواقع، فإن التمييز بين اليسار واليمين عملية معقدة للغاية، تتطلب الذاكرة واللغة والمعالجة البصرية والمكانية.

ويحاول الباحثون التوصل إلى حقيقة هذا الخلط، فيقول جيرارد جورملي، طبيب عام وأستاذ إكلينيكي في جامعة كوينز بلفاست في إيرلندا الشمالية: “يمكن لبعض الأفراد أن يميزوا بين اليمين واليسار بالفطرة، ويمكنهم فعل ذلك دون تفكير، ولكن بالنسبة لبعض الآخرين يتطلب الأمر جهدًا”.

وأشار إلى أن بعض الأفراد يلجأوون لاستخدام علامات مميزة تدل على الاتجاهات، مثل التفكير في اليد التي يستخدمونها للكتابة أو العزف على الجيتار.

استراتيجيات مختلفة

ووجدت الأبحاث التي نشرتها “فان دير هام” وزملاؤها في عام 2020 أن حوالي 15٪ من الأشخاص يصنفون أنفسهم على أنهم يواجهون صعوبة عندما يتعلق الأمر بالتعرف على اليسار واليمين، إذ قال ما يقرب من نصف المشاركين الأربعمائة في الدراسة إنهم استخدموا استراتيجية متعلقة باليد لتحديد الاتجاهين.

فيما أظهرت أبحاث أخرى أن الناس يميلون إلى الحكم على ما إذا كانت الصورة تُظهر يدًا يسرى أم يمين من خلال تخيل يدهم أو جسدهم وهو يدور .

واستخدم الباحثون ما يسمى باختبار بيرغن للتمييز بين اليمين واليسار للبحث بشكل أعمق في كيفية عمل هذه الاستراتيجيات. وخلال التجربة نظر المشاركون إلى صور لأشخاص ملتصقة وأذرعهم في أوضاع مختلفة، وكان عليهم تحديد اليد المميزة إذا كانت يمنى أو يسرى، تقول فان دير هام: “يبدو الأمر بسيطً، ولكنه قد يبدو صعبًا إذا كان عليك تحديد المئات من الصور بأسرع ما يمكن.

أسباب الخلط

ليس من الواضح حتى الآن سبب اختلاف الناس في قدرتهم على التمييز بين اليسار واليمين، على الرغم من أن الأبحاث تشير إلى أنه كلما كان جسم الشخص غير متماثل كان من الأسهل تمييزه بين اليمين واليسار. يقول جورملي: إذا كان أحد جانبي دماغك أكبر قليلاً من الآخر، فإنك تميل إلى تمييز أفضل بين اليمين واليسار”.

فيما تقول فان دير هام إنه يمكن أيضًا أن يكون شيئًا نتعلمه في مرحلة الطفولة، مثل الجوانب الأخرى للإدراك المكاني.

وتشير الأبحاث التي أجرتها أليس جوميز وزملاؤها في مركز ليون لأبحاث العلوم العصبية في فرنسا إلى أن التمييز بين اليسار واليمين هو أمر يمكن للأطفال التعرف عليه بسرعة. وصممت جوميز برنامج تعليمي مدته أسبوعين لزيادة القدرة المعرفية للاتجاهات عند الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين خمس إلى سبع سنوات.

وبعد البرنامج، انخفض عدد أخطاء التمييز بين اليسار واليمين إلى النصف تقريبًا بين الأطفال المشاركين. يقول جوميز: “كان من السهل جدًا علينا زيادة قدرات الأطفال ليكونوا قادرين على تحديد الاتجاه الصحيح لأجزاء الجسم (الرُكبة اليمين كمثال) على أساس الاسم.

قرار مصيري

وبشكل عام، فعلى الرغم من أنه يتعين على بعض الأشخاص بذل المزيد من الجهد للتمييز بين اليمين واليسار، إلا أن الجميع لديه القدرة على اتخاذ قرارات يسارية ويمينية خاطئة.

ولكن في بعض الأحيان قد يكون الخطأ في تمييز الاتجاهات أمر مُكلّف ومتعلق بالحياة أو الموت، مثلما يحدث في الأخطاء الطبية، كمثال: أخذ خزعة من الثدي الخطأ أو الحقن في في العين الخطأ، أو حتى بتر الطرف الخطأ.

ويأمل غورملي أن يؤدي زيادة الوعي بمدى سهولة ارتكاب مثل هذا الخطأ إلى تقليل وصمة العار لأولئك الذين يحتاجون إلى التحقق من قرارهم بتحديد اليمين أو اليسار أكثر من مرة.

لماذا تعلق أوكرانيا الآمال على الدبابات لقلب مسار الحرب؟

لماذا تراجع عدد سكان الصين لأول مرة منذ عقود؟

5 أسباب تجعل من التطوع وسيلة فعالة لتقليل حدة الاكتئاب