لطالما أسر القمر، جارنا السماوي، خيال البشرية، مُلهماً الشعراء والفنانين والعلماء على مدار العصور. لكن إلى جانب روعة القمر الحقيقية، ظهرت العديد من الأساطير والمفاهيم الخاطئة التي أحاطت به لقرون طويلة. دعونا نستغل مناسبة اليوم العالمي للقمر لنكشف عن بعض أكثر هذه الأساطير شيوعًا ونُسلّط الضوء على الحقائق العلمية المُثبتة.
الخرافة الأولى: القمر الكامل يجعلك مجنونًا
منذ العصور القديمة، ارتبطت الأقمار الكاملة بسلوكيات غير طبيعية مثل المشي أثناء النوم، الانتحار، النشاطات غير القانونية، ونوبات العنف، وحتى التحول إلى مستذئبين. الكلمة “lunacy” (الجنون) مشتقة من “Luna”، إلهة القمر الرومانية. كان الأطباء قديماً يعتقدون بوجود صلة بين القمر والجنون. حتى في القرن الثامن عشر، كان يمكن للمتهمين بالقتل في إنجلترا المطالبة بحكم مخفف إذا وقع الجريمة في ليلة قمر مكتمل. ومع ذلك، الدراسات الحديثة لم تجد أدلة تدعم هذا الارتباط.
الخرافة الثانية: سكان القمر
في العشرينيات من القرن التاسع عشر، ادعى عالم الفلك البافاري فرانز فون باولا غرويثوزين أنه رأى مدنًا على القمر. كما اعتقد السير ويليام هيرشل، عالم الفلك البريطاني الشهير، بوجود كائنات فضائية على القمر وكتب عن تطور مشاريعهم الإنشائية. في عام 1835، نشرت صحيفة “نيويورك صن” سلسلة مقالات زائفة عن وجود حياة على القمر، منسوبة زوراً إلى جون هيرشل، ابن ويليام هيرشل.
الخرافة الثالثة: القمر يتحكم في الخصوبة
بسبب تشابه دورة الحيض مع دورة القمر، اعتقدت الحضارات القديمة أن القمر يتحكم في الخصوبة. ظهرت العديد من الآلهة الأنثوية للقمر في الأساطير، مثل الإلهة الصينية تشانغ آه، وماما كيلا من حضارة الإنكا. في الخمسينيات، استند الطبيب التشيكي يوجين جوناس على نص آشوري قديم، واقترح أن النساء يكن أكثر خصوبة خلال مراحل معينة من القمر. رغم استمرار بعض هذه الأفكار حتى اليوم، إلا أن الدراسات الحديثة لم تجد أدلة تدعمها.
الخرافة الرابعة: القمر مركبة فضائية مجوفة
في السبعينيات، اقترح عالمان سوفيتيان أن القمر هو مركبة فضائية مجوفة بناها كائنات فضائية. ولكن علماء الفلك أكدوا أن القمر لا يمكن أن يحتفظ بكتلته وحقل جاذبيته إذا كان مجوفًا. القمر له نواة كثيفة وهو جسم سماوي طبيعي.
الخرافة الخامسة: لم نذهب إلى القمر حقًا
رغم الأدلة القاطعة، يعتقد بعض الناس أن رحلات أبولو إلى القمر كانت مفبركة من قبل ناسا باستخدام صور وفيديوهات مزيفة. يشيرون إلى ما يرونه كدليل على الخداع، مثل العلم الأمريكي الذي يبدو أنه يرفرف في فراغ الفضاء. في عام 2002، قام باز ألدرين، رائد الفضاء المتقاعد، بضرب أحد منظري المؤامرة الذي اتهمه بتزييف الهبوط على القمر. الأدلة العلمية تؤكد صحة الهبوط على القمر.
الخرافة السادسة: النازيون لديهم قاعدة على القمر
بعد الحرب العالمية الثانية، انتشرت شائعات بأن رواد الفضاء الألمان سافروا إلى القمر وأقاموا قاعدة سرية هناك، بل وذهب البعض للاعتقاد بأن هتلر زيف موته وهرب إلى القمر. تم ربط مشاهدات الصحون الطائرة ببرنامج تطوير الأجسام الطائرة للنازيين. هذه النظريات تشكلت في روايات الخيال العلمي مثل “سفينة صاروخ غاليليو” لروبرت هاينلين.
الخرافة السابعة: الأرنب على القمر
في أساطير مختلفة حول العالم، يعتقد بوجود أرنب يعيش على القمر. هذه الخرافة قد تكون انعكاساً لتفسيرات مشتركة للعلامات على سطح القمر، وهي رؤية بديلة لـ”رجل القمر” الشهير. في عام 1969، قبل هبوط أبولو 11 على القمر، تطرقت مراكز التحكم في هيوستن مازحة إلى الأسطورة الصينية عن الفتاة الجميلة والأرنب الكبير، مشيرة إلى طاقم المركبة بالبحث عن الأرنب.
الخلاصة
بينما يرتبط القمر بالعديد من الخرافات، تساعدنا المعرفة العلمية في تمييز الحقيقة من الخيال. القمر يظل جسمًا فضائيًا هامًا ومثيرًا للإعجاب، لكن العديد من القصص المحيطة به ليست سوى خرافات.