نجت جراثيم الطحالب من تجربة فضائية استمرت 9 أشهر على السطح الخارجي لمحطة الفضاء الدولية، قبل أن تُعاد إلى الأرض لتستمر في النمو والتكاثر. وأظهرت دراسة حديثة أن أكثر من 80% من الجراثيم بقيت قادرة على الانبات بعد العودة، ما يشير إلى قدرة غير مسبوقة للطحالب على تحمل الظروف الفضائية القاسية.
وأفاد الباحثون في نتائجهم التي نشرت يوم الخميس 20 نوفمبر، في مجلة iScience، أن هذا الاكتشاف يعزز فهمنا لكيفية قدرة النباتات على الصمود في بيئات شديدة القسوة، سواء على الأرض أو خارجها.
الطحالب.. مرشحة طبيعية للحياة في الفضاء
يشتهر الطحلب بقدرته على النمو في أصعب البيئات على الأرض، من قمم جبال الهيمالايا الباردة إلى الصحاري الساخنة مثل وادي الموت. وجعلته هذه القدرة على تحمل الظروف المتطرفة نموذجًا مثاليًا لدراسة كيفية تأقلم الكائنات الحية في الفضاء، حيث تتعرض للفراغ، وانعدام الجاذبية، وتقلبات حرارية حادة، وإشعاعات قوية. وكانت تجارب سابقة في الفضاء ركزت غالبًا على الكائنات الأكبر حجمًا مثل البكتيريا أو المحاصيل، بينما أظهرت التجربة الحالية أن طحلب Physcomitrium patens يمكنه ليس فقط البقاء على قيد الحياة، بل والازدهار في هذه الظروف القاسية.
واختبر العلماء ثلاث مراحل مختلفة من دورة حياة الطحلب، ووجدوا أن الجراثيم البوغية، وهي هياكل تحمي الأبواغ، كانت الأكثر قدرة على مقاومة الإجهاد الناتج عن التعرض للأشعة فوق البنفسجية، التجمد، ودرجات الحرارة المرتفعة. وتم وضع العينات خارج محطة الفضاء في منشأة خاصة متصلة بوحدة كيبو اليابانية، وعاشت هناك لمدة تسعة أشهر تقريبًا خلال عام 2022، قبل أن تُعاد إلى الأرض لإجراء التحليلات.
وقال توموميتشي فوجيتا، المؤلف الرئيسي للدراسة وأستاذ علم الأحياء النباتية بجامعة هوكايدو: "من المدهش أن أكثر من 80% من الأبواغ نجت، وأنبت كثير منها بشكل طبيعي". وأضاف أن الفريق طور نموذجًا يشير إلى أن أبواغ الطحالب يمكن أن تبقى على قيد الحياة في الفضاء لمدة تصل إلى 5600 يوم، أي حوالي 15 عامًا.
تأثير الضوء على نمو الطحالب
عند إعادة العينات إلى الأرض، وجد الفريق أن معظم الظروف الفضائية مثل الفراغ وانعدام الجاذبية وتقلبات درجات الحرارة كان لها تأثير محدود على جراثيم الطحالب. إلا أن العينات التي تعرضت للضوء، وخصوصًا الأشعة فوق البنفسجية عالية الطاقة، شهدت انخفاضًا في مستويات الصبغات مثل الكلوروفيل أ، ما أثر على قدرتها على التمثيل الضوئي والنمو لاحقًا.
رغم بعض الضرر الناتج عن التعرض للفضاء، تفوقت طحالب P. patens على أنواع نباتية أخرى خضعت لتجارب مماثلة، مما يشير إلى قوة تحملها الاستثنائية. ويعتقد فوجيتا أن الغلاف الإسفنجي الواقي حول الجراثيم يساعد في حماية الأبواغ من الجفاف والإشعاع. مضيفًا: "من المرجح أن هذا الغلاف تطور منذ زمن بعيد لمساعدة الطحالب على استعمار البيئات الأرضية المتنوعة".
ويرى الباحث أن نجاح الأبواغ في الفضاء يمثل "خطوة بيولوجية نحو تطوير أنظمة بيئية خارج كوكب الأرض"، مشيرًا إلى خطط مستقبلية لتجربة أنواع نباتية أخرى وفهم أفضل لكيفية صمود هذه الخلايا المرنة في ظروف قاسية للغاية.
اقرأ أيضًا:
"جيمس ويب" على أعتاب اكتشاف الجيل الأول من النجوم
البراكين.. عامل توصيل الألماس إلى سطح الأرض
لماذا لا تظهر الفقاعات عند غلي الماء في الميكروويف؟














