معضلة الـ 11 مليار نسمة.. تداعيات تنتظر البشرية في 2100

نوفمبر ٢٦, ٢٠٢٥

شارك المقال

معضلة الـ 11 مليار نسمة.. تداعيات تنتظر البشرية في 2100

تشير تقديرات حديثة للأمم المتحدة إلى احتمال أن يرتفع عدد سكان العالم ليبلغ نحو 11 مليار نسمة بحلول عام 2100، ما يضع البشرية أمام واحد من أكبر التحديات في تاريخها الحديث، وسط مخاوف من ضغوط متصاعدة بسبب النمو السكاني المتسارع.

وسيعيد هذا الرقم حال تحققه رسم خريطة الضغوط على الأرض من الغذاء والمياه والطاقة إلى البنية التحتية والخدمات الصحية في المستقبل، وربما يزيد من حدة النزاعات الإقليمية والهجرة غير المنظمة، ويشكل اختبارًا حقيقيًا لاستدامة الحياة البشرية على كوكبنا.

صعود مستمر للسكان

شهد العالم طفرة سكانية هائلة خلال القرن الماضي. ففي عام 1950، بلغ عدد سكان الأرض نحو 2.6 مليار نسمة، ثم ارتفع العدد إلى 6 مليارات في عام 1987، ووصل إلى 7 مليارات في أكتوبر 2011، قبل أن يتجاوز الآن 7.2 مليار نسمة وفق أحدث الإحصاءات.

وتشير توقعات الأمم المتحدة إلى أن عدد السكان سيصل إلى 9.7 مليار بحلول عام 2050، قبل أن يصل إلى 11 مليارًا في نهاية القرن، في ظل استمرار معدلات الخصوبة المرتفعة في بعض المناطق.

ولكن هذه الزيادة ليست موزعة بشكل متساوٍ على الأرض، إذ تشير البيانات إلى أن أكثر من نصف النمو السكاني العالمي سيتركز في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وهي منطقة تعاني أصلًا من قلة الموارد وضعف البنية التحتية، مع تهديدات متزايدة من النزاعات والمجاعات نتيجة تغير المناخ والحروب الإقليمية، بينما ستشهد أوروبا واليابان انخفاضًا كبيرًا في تعداد السكان بسبب معدلات الخصوبة المنخفضة، ما يثير تحديات مرتبطة بشيخوخة السكان.

أسباب النمو السكاني المستمر

ترتبط الزيادة السكانية بعدة عوامل رئيسية، من أبرزها تحسن الرعاية الصحية، الذي أدى إلى زيادة متوسط العمر المتوقع، ما يضيف إلى عدد السكان الحالي. كما يبرز العامل الاقتصادي والاجتماعي؛ من حيث تباطؤ نمو الموارد مقارنة بزيادة السكان كما أشار القص توماس مالتوس في مقال له خلال القرن التاسع عشر. وتخلق تلك الزيادة غير المتسقة مع الموارد معضلة في قدرة الأرض على توفير الغذاء الكافي. ووفق تقرير الأمم المتحدة الصادر في يونيو 2019، ستشكل 9 دول أكثر من نصف النمو المتوقع للسكان، وهي: الهند، نيجيريا، باكستان، الكونغو الديمقراطية، إثيوبيا، تنزانيا، إندونيسيا، مصر، والولايات المتحدة الأمريكية.

التحديات الاقتصادية والتنموية

تثير هذه الزيادة الكبيرة عدة تساؤلات حول العلاقة بين عدد السكان والتنمية الاقتصادية. ويرى بعض الخبراء مثل أماراتيا صن، أن المشكلة ليست عدد السكان بحد ذاته، بل كيفية إدارة الموارد والتنمية البشرية، إذ أن تحسين التعليم والصحة ورفع مستوى معيشة الأفراد يمكن أن يؤدي بشكل طبيعي إلى خفض معدلات المواليد. من جهة أخرى، تؤكد الدراسات أن استمرار النمو السكاني في الدول النامية، وخاصة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، مع ارتفاع الطلب على الخدمات والموارد، سيشكل ضغطًا غير مسبوق على الأمن الغذائي والمائي.

الأمن الغذائي ومستقبل الغذاء

بحلول عام 2050، ومع وصول عدد السكان إلى 10 مليارات، من المتوقع أن ينمو الطلب على الغذاء بنسبة 70% مقارنة بعام 2010، وهو ما يفرض زيادة إنتاج الغذاء بنسبة 50% في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية مثل جنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. هذا التحدي يتفاقم مع التحولات السكانية نحو المدن، إذ سيعيش أكثر من ثلثي البشر في المناطق الحضرية بحلول منتصف القرن، ما يؤدي إلى تغير أنماط استهلاك الغذاء نحو المنتجات المصنعة واللحوم والفواكه والخضروات، ومعها زيادة تكاليف الغذاء وصعوبة الوصول إليه بالنسبة للفقراء.

الأمن المائي وتغير المناخ

حاليًا، يواجه حوالي 2.7 مليار شخص نقصًا في المياه اليومية. مع ازدياد عدد السكان إلى 11 مليارًا، سيصبح تأمين مياه الشرب النظيفة تحديًا عالميًا، خاصة في مناطق مثل الشرق الأوسط وأفريقيا جنوب الصحراء. وإلى جانب ذلك، يُمكن أن يزيد النمو السكاني السريع من حدة تغير المناخ، إذ أن توسع المناطق الحضرية، وزيادة استهلاك الوقود، والتحول الصناعي في الدول النامية، قد يزيد من الضغوط على النظم البيئية الهشة.

تأثير النمو السكاني على البيئة والحياة البرية

يتسبب النمو السكاني في تدمير موائل الحياة البرية، ويُسهم في سادس أكبر انقراض جماعي في تاريخ الأرض، وفق العلماء، كما يؤدي تزايد عدد السكان إلى ارتفاع الطلب على المنتجات الطبيعية، ما يضغط على التنوع البيولوجي ويزيد من الصيد الجائر وتدهور الأراضي الزراعية والغابات. ويُعتبر الحفاظ على المناطق ذات التنوع الحيوي الغني أولوية ملحة لضمان استمرار الحياة البرية.

الصحة العامة وتفشي الأمراض

يزداد انتشار الأمراض المعدية مع ارتفاع الكثافة السكانية والسفر بين الدول، ما يجعل العالم أكثر عرضة للأوبئة العالمية. ويتيح تفاعل البشر مع البيئة انتقال فيروسات جديدة من الحيوانات البرية إلى الإنسان، ما يرفع مخاطر الأوبئة المستقبلية.

البنية التحتية والصرف الصحي

يزداد الضغط على أنظمة الصرف الصحي والمرافق الحضرية مع النمو السكاني. وحاليًا، يعيش حوالي 2.6 مليار شخص دون خدمات صرف صحي أساسية، ما يؤدي إلى تفاقم المشكلات الصحية وتعطيل فرص التعليم، ويزيد من تراكم النفايات.

الأكثر مشاهدة

أحصل على أهم الأخبار مباشرةً في بريدك


logo alelm

© العلم. جميع الحقوق محفوظة

Powered by Trend'Tech