أكثر من مليار شخص يعتادون على التدخين حول العالم، مما يسفر عن إنتاج أكثر من 5 آلاف مليار سيجارة سنويًا. تترتب على هذه العادة الضارة 15 حالة وفاة في كل دقيقة، وتسهم في إنتاج نحو 680 مليون طن من النفايات سنويًا.
اكتشاف أضرار جديدة
في عام 2024، ورغم الوعي بأن التدخين يشكل خطرًا على الصحة، لا يزال العلماء يكتشفون طرقًا جديدة ومقلقة تؤثر بها عادة التدخين على الجسم من الداخل. في دراسة حديثة نشرت في مجلة Nature، أفاد باحثون من معهد باستور في باريس بأن للتدخين تأثيراً مستمراً على جهاز المناعة يظل قائماً لفترة طويلة بعد ترك الفرد لهذه العادة الضارة.
جهاز المناعة وركود التدخين
تعتمد صحة جهاز المناعة على قدرته على الاستجابة السليمة للتحفيزات الخارجية. وكما يفضل الجسم استجابة مناعية “مثل الذهبي”، ليس كبيرة ولا صغيرة جداً، بل تكون في المستوى المناسب تكفي من الالتهاب والأجسام المضادة للشفاء من الجروح ومقاومة العدوى، ولكن ليس بشكل يؤدي إلى هجوم الجسم على نفسه.
التأثير الطويل الأمد
الدراسة أجريت على 500 رجل و500 امرأة فرنسيين، تبرعوا بالدم وأجابوا على 44 صفحة من الأسئلة حول سيرهم الشخصي وأسلوب حياتهم. ومن خلال تحفيز عينات الدم بمحفزات ميكروبية مختلفة، تمكن الباحثون من رصد استجابة الجهاز المناعي وقياس مستويات بروتينات التوقيع المناعي المعروفة باسم سايتوكاينات.
العوامل المؤثرة
أظهرت النتائج أن هناك 11 عاملاً من بين 136 عاملاً بيئياً يرتبط ببعض درجات إفراز السايتوكاينات، مشيرة إلى تأثير هذه العوامل على استجابة الجسم للعدوى. كان من بين هذه العوامل فهم مؤشر كتلة الجسم (BMI)، وتعرض الفرد لفيروس سيتوميغالوفيروس (CMV)، وكذلك عادة التدخين، حيث أظهرت دماء المدخنين استجابة التهابية مرتفعة بشكل غير عادي تجاه البكتيريا.
استمرارية التأثير بعد الإقلاع
على الرغم من أن الاستجابة التهابية المرتفعة تتلاشى بعد التوقف عن التدخين، إلا أن تأثيرات التدخين على جهاز المناعة تستمر لسنوات بعد أن يتوقف الشخص عن هذه العادة. بعض أجزاء الاستجابة المناعية المكتسبة تظهر تغييرات طويلة الأمد، مما يشير إلى أن خلايا المناعة قد تحمل آثار التدخين لفترة طويلة.
الأثر على تقديم اللقاحات
تشير هذه النتائج إلى أهمية النظر في عادات التدخين (سواء كانت حالية أو سابقة) عند تخطيط توقيت أو صياغة اللقاحات. وبالفعل، نحن نعتمد بالفعل توصيات اللقاحات حسب الفئات العمرية بناءً على فهمنا من أن التهابات الجسم تزيد مع التقدم في العمر. ويثير الباحثون الاستفسار حول ما إذا كان يجب أن نأخذ في اعتبارنا العوامل البيئية مثل عادات التدخين عند تخطيط اللقاحات.
ختامًا
في النهاية، يجدر بالذكر أن الأفضلية دائمًا لتحسين صحة جهاز المناعة هي اتباع النصائح الأساسية المعروفة تناول نظام غذائي متنوع، وممارسة الرياضة، وتقليل التوتر، وضمان الحصول على قسط كافٍ من النوم. وفيما يتعلق بالتدخين، يشدد الباحثون على أنه “ربما يكون التدخين هو أسوأ ما يمكنك فعله”، مع التشديد على أن تأثيره يتلاشى بمرور الوقت بعد التوقف عنه، مشيرين إلى أن “أفضل وقت للإقلاع عن التدخين هو الآن، فهو دائمًا وقت جيد”.
اقرأ أيضًا
كيف يتراجع التدخين تدريجياً في العالم؟
باحثون يحددون أكثر الوسائل فعالية للإقلاع عن التدخين
كيف تستطيع دعم المقلع عن التدخين؟.. نصائح هامة من وزارة الصحة