تحتفي منظمة الصحة العالمية باليوم العالمي للصحة النفسية، في العاشر من أكتوبر من كل عام، وتتخذ من هذه المناسبة فرصة للتوعية بأهمية الحفاظ على الصحة النفسية، والتوعية بها.
وحسب موقع الأمم المتحدة فإن هناك نحو مليار شخص في جميع أنحاء العالم يعانون من أحد أشكال الاضطرابات العقلية، ويضيف الموقع أن “كل 40 ثانية يموت شخص ما بسبب الانتحار”، لافتاً إلى أنه أصبح من المُسلم به الآن أن الاكتئاب هو السبب الرئيسي للمرض والإعاقة، في أوساط الأطفال والمراهقين.
ويستدعي الحديث عن الصحة النفسية، عدة أسئلة، بينها ما هو أقدم مستشفى لعلاج الأمراض النفسية عرفه العالم؟
وحسب محرك البحث العملاق “جوجل” وموقع خدمة الصحة الوطنية في بريطانيا فإن الإجابة هو مستشفى بيثلم الملكي خارج العاصمة البريطانية لندن.
لكن دائرة المعارف البريطانية تقول إنه تم إنشاء أقدم مستشفيات الأمراض العقلية في العالم العربي، في بغداد والقاهرة ودمشق، حيث كان المرضى النفسيون والعقليون في العالم العربي يتلقون العلاج في البيمارستانات، علماً بأن أول بيمارستان قام في العالم الإسلامي في مدينة دمشق، بأمر من الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك عام 707 ميلادية، وذلك حسبما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” في تقرير لها.
وفي بلاد الشام، كان هناك البيمارستان النوري الكبير في دمشق، الذي أقامه الملك العادل نور الدين بن محمود زنكي نحو عام 1154، بينما كان هناك بيمارستان الرشيد، وبيمارستان المقتدري، وبيمارستان الموصل، في العراق، بيد أن أشهرها كان البيمارستان العضدي، الذي أنشأه عضد الدولة بن بويه عام 978 في بغداد.
وفي مصر، كان هناك البيمارستان العتيق الذي أنشأه أحمد بن طولون سنة 872 ميلادية في الفسطاط، والبيمارستان المنصوري ويسمى أيضا بيمارستان قلاوون، والذي أمر ببنائه الملك المنصور قلاوون الصالحي.
أما من ناحية أبرز الأسماء التي كانت قد برزت في هذا المجال عند العرب، فإن أبو بكر محمد الرازي، أكبر أطباء العرب والمسلمين في العصور الوسطى، قد قدم وصفاً تفصيليا للمرض النفسي، وأبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا أول الفلاسفة القدماء الذين ربطوا وظائف الإحساسات والخيال والذاكرة بشروطها الفسيولوجية، وكذلك جبرائيل بن بختشيوع وأوحد الزمان وغيرهم.
[two-column]
مستشفى بيثلم الملكي بالقرب من العاصمة البريطانية لندن هو أقدم مستشفى للصحة النفسية والعقلية مازال يعمل في هذا المجال حتى اليوم
[/two-column]
لكن يظل مستشفى بيثلم الملكي بالقرب من العاصمة البريطانية لندن هو أقدم مستشفى مازال يعمل في هذا المجال حتى اليوم، بحسب موقع خدمة الصحة الوطنية في بريطانيا NHS ومحرك البحث العملاق جوجل.
ما قصة هذا المستشفى؟
عندما أعيد بناؤه في عام 1676، كان مستشفى بيثلم بلندن هو أكثر مصحات الأمراض العقلية فخامة في العالم من الخارج أما في الداخل فكان الأمر مختلفا تماماً. وقد كان المستشفى معلما شهيرا في لندن، وكان السياح يزورونه جنباً إلى جنب مع كنيسة وستمنستر وحديقة الحيوانات.
وكان ذلك المستشفى مصدر إلهام لعدد لا يحصى من القصائد والمسرحيات والأعمال الفنية، ومنذ البداية تقريباً، كان بيثلم أكثر بكثير من مجرد مصحة للأمراض العقلية.
ويقول مايك جاي مؤلف كتاب “في هذا الطريق يقع الجنون”: “لقد كان بيثلم معلماً بارزاً في مدينة لندن، وأحد أوائل المستشفيات المتخصصة في الأمراض العقلية في العالم”، مضيفاً: “لقد أصبح هذا المستشفى الموطن الأصلي للجنون”.
وعندما حل عام 1400، أصبح مستشفى من العصور الوسطى، ولم يكن ذلك يعني رعاية طبية بقدر ما يعني توفير “ملجأ للغرباء المحتاجين” أي أولئك الذين ليس لديهم مكان آخر يذهبون إليه فيتجهون إلى أبواب الدير. وبمرور الوقت، بدأ مستشفى بثلم يتخصص في رعاية أولئك الذين لم يكونوا فقراء فحسب، ولكنهم أيضا غير قادرين على رعاية أنفسهم، وخاصة أولئك الذين يعتبرون “مجانين”.
وبحلول القرن السابع عشر، كان هذا المستشفى معروفاً بما يكفي للظهور في العديد من الأعمال الدرامية. وفي عام 1676، شيدت النسخة الثانية من المستشفى، من تصميم روبرت هوك، مساح المدينة والفيلسوف الطبيعي ومساعد المهندس المعماري وعالم الرياضيات الشهير السير كريستوفر رين.
فيما بلغ طول واجهة المستشفى 165 متراً مع أعمدة كورنثية وبرج يعلوه قبة، وكانت تلك الواجهة مستوحاة من قصر التويلري في باريس في عهد لويس الرابع عشر، بينما أطل المستشفى على حدائق رسمية ومتنزهات تصطف على جانبيها الأشجار.