يُنظر إلى أحجار البازلت السوداء أو البقايا البركانية الصلبة، على أنها وسيلة لإنقاذ كوكب الأرض من التغييرات المناخية.
ويمكن لهذه الصخور أن تساعد على خلاص الكوكب من الاحترار وهو الارتفاع في درجات الحرارة المستمر، عن طريق عملية تُعرف بـ “التجوية المحسنة للصخور”.
ويتم خلال هذه العملية فقد الترابط بين الجزيئات المكونة للصخر، والذي يحدث عادة عن طريق المتغيرات الجوية المختلفة مثل الأكسجين وثاني أكسيد الكربون وبخار الماء.
مواجهة الاحتباس الحراري
كانت جهود العلماء مسخرة في البداية لمحاولة تقليل غازات الاحتباس الحراري، ولكن بمرور الوقت اكتشفوا أن الأمر لم يعد كافيًا، وأصبحت الحاجة ماسة إلى إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي ولكن بطريقة أسرع.
وكان الحل بالنسبة لهم في زيادة الأحزمة الخضراء وزراعة الأشجار بكثافة أكبر، ولكن هذا الحل ظل محدودًا في قدرته على تنقية الهواء، لأنه يُعيد إنتاج ثاني أكسيد الكربون مرة أخرة عند حرق الأشجار أو تعفنها، وأيضًا بسبب محدودية مناطق زراعة الأشجار.
وعلى الرغم من أهمية تقنية الالتقاط المباشر من الهواء أو Direct Air Capture، التي تعمل على امتصاص ثاني أكسيد الكربون ميكانيكيًا من الغلاف الجوي وتخزينه تحت الأرض بشكل دائم، إلا أنها تستهتلك الطاقة بشكل كبير وهو أمر يتنافى مع الاتجاهات العالمية لتقليل استهلاك الوقود الأحفوري.
ولكن في عملية “تجوية الصخور” فإن الأمر مختلف تمامًا، إذ إنها تأتي ما بين هو طبيعي وما هو اصطناعي، ويتم استخدام طريقتها التي تنقي الهواء، ولكن بمعدل أسرع مما يحدث في الطبيعي.
إنقاذ الكوكب
في اسكتلندا، تعمل شركة UNDO حاليًا على مشروع “التجوية المحسنة للصخور” باستثمارات تُقدر بـ 12 مليون جنيه إسترليني.
وبينما تقوم حفارات الشركة بأعمالها بالقرب من التلال السوداء لصنع الخرسانة والأسفلت للطرق، تتراكم القطع الصغير من صخور البازلت، والتي أصبحت ذات أهمية كبيرة لإنقاذ الكوكب.
وعلى مر العصور كانت عملية التجوية تحدث بشكل طبيعي من خلال سقوط الأمطار على هذه الصخور ومن ثم إزالة الكربون، ولكن حاليًا تقوم الشركة بهذه العملية من خلال القطع الصخرية المحسنة من خلال توسيع رقعة تعرضها للأمطار ومن ثم تسريع عملية إزالة الكربون.
ويكمن السر في نشر هذه الصخور عبر مساحات كبيرة حتى يتعرض أكبر قدر منها للأمطار، بدلًا من الطريقة الطبيعية البطيئة التي كانت التجوية تحدث فيها بسقوط الأمطار على أكوام الصخور.
وهناك يقوم المزارعون بهذه العملية في مقابل الحصول على الأسمدة المجانية، إذ إن هذه الأحجار بجانب قدرتها على تحسين جودة الغلاف الجوي، فهي تساهم في تحسين المحاصيل والمراعي، وذلك عن طريق نثر هذه الحجارة الصغيرة بالجرارات على المساحات المزروعة، لتحقق الهدفين.
هل علمية “التجوية” كافية؟
في حين أن عملية تجوية الصخور مهمة إلا أنها قد تساهم في صرف الناس عن السلوكيات الأساسية التي تهدف إلى خفض الانبعاثات الكربونية.
ويرى العلماء أن خفض الانبعاثات لا بد من أن يأتي في المقام الأول، وبعد ذلك التقنيات الأخرى، خصوصًا وأن عملية التجوية تتطلب 4 أطنان ممن صخور البازلت لامتصاص طن واحد من ثاني أكسيد الكربون.
وبقياس ذلك على حجم الانبعاثات الذي يُنتج في بريطانيا والذي يُقدر بـ 7 أطنان سنويا، فإن العملية تتطلب حوالي 30 طنًا من البازلت سنويًا في مقابل كل شخص، حتى تُحقق العملية هدفها في تقليل الكربون.
وتضع شركة UNDO أهدافًا طموحة لتوسيع نطاق عملها خلال المستقبل القريب، وسيتم ذلك من خلال تعاون مع شركة مايكروسوفت العملاقة للبرمجيات والتي تنوي تحمل تكاليف 25 ألف طن من البازلت لنشرها في حقول ومزارع المملكة المتحدة، إلى جانب دورها في مراقبة المشروع لضمان تحقيق أهدافه.
وخلال العام الجاري، تنوي الشركة نثر 185 ألف طن من البازلت، إذ تهدف من خططها إلى إزالة مليون طن من ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2025.
وعلى الرغم من كل هذه الجهود، إلا أن حجم الانبعاثات كبير لدرجة يفوق قدرات الشركة، فكما تُشير التقديرات بلغ حجم الانبعاثات العالمية حوالي 37 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون خلال عام 2022.
ماذا يأكل رواد الفضاء خلال رحلاتهم؟ وكيف يتناولون طعامهم؟
طب الفضاء.. ما هو وكيف يستفيد منه البشر؟
تأثير الذكاء الاصطناعي.. هذا ما ستصبح عليه حياتنا في عام 2030