في ظل تسارع الأحداث في حياتنا اليومية، ينجز الشخص عشرات المهام منذ الاستيقاظ صباحًا وحتى نهاية اليوم، ليصبح أمر البقاء بدون القيام بشيء أمنية للكثير منا حتى ولو لدقائق قليلة، إلا أن مجموعة من المواطنين في كوريا الجنوبية تمكنوا من تحويل هذه الأمنية إلى فعالية سنوية يتم تقييم المشاركين فيها بناءً على قدرتهم على البقاء هادئين وساكنين لمدة 90 دقيقة.
تعود مسابقة “سبيس آوت” إلى عام 2014، حيث أطلقها الفنان التشكيلي ووبسيانغ كيم كعمل فني يهدف إلى نقد الإرهاق النفسي المنتشر، وتطورت هذه المسابقة لتصبح حدثاً ثقافيًا على ضفاف نهر هان في سيول، يجمع بين الأداء الفني واليقظة الذهنية، ويتحدى فكرة أن الهدوء والسكينة هما علامة على الكسل أو الخمول.
وفي مايو الماضي، استطاع رجل الأعمال والموسيقي بيونغ جين بارك، الفوز هو وفرقته على 100 مشارك في المسابقة بكوريا الجنوبية، حيث تمكنوا من البقاء هادئين وساكنين تمامًا مع عدم القيام بأي شيء لمدة 90 دقيقة بلا هواتف أو محادثات.
ويرتدي المشاركون في المسابقة أجهزة لمراقبة معدل ضربات القلب، ويتم اختيار الفائز وفقًا للهدوء البيومتري وتصويت الجمهور، ويرى بارك أن عدم القيام بشيء لبعض من الوقت هو أمر ضروري مضيفًا “مع مرور الوقت، بدأت أنسى أين كنت شعرت وكأن جسدي قد اختفى”.
وتعتمد استراتيجية بيونغ جين للهدوء على التنفس البطني البطيء والتركيز على نقطة واحدة لتنظيم الأفكار والمشاعر. ويرى أن التوقف عن التفكير لا يحل كل المشاكل، لكنه يمنح شعورًا بالانتعاش.
ويقول بيونغ إنه بعد أسبوع عمل مرهق ومليء باللقاءات، شعر بحاجة ماسة للراحة والهدوء. وينصح الجميع بإيجاد لحظات للهدوء والراحة، سواء كانت باحتساء القهوة، أو الاستماع للموسيقى، أو قضاء الوقت في الطبيعة، لأن ذلك يساعد على تصفية الذهن.
يتابع “لم أتوقع الفوز، ولكن رغبتي في تحقيق ذلك كانت قوية بسبب طبيعتي التنافسية وخلال المسابقة، تم عرض معدلات ضربات قلبنا علنًا، وكنا نُفحص يدويًا كل 15 دقيقة، واستخدمت تقنية التنفس البطني طوال الوقت لتهدئة نفسي، خاصةً عند قياس معدل ضربات قلبي”.
وكشفت دراسة أجرتها جامعة فرجينيا عام 2014 أن الكثير من الناس يفضلون تلقي صدمات كهربائية خفيفة على أن يجلسوا بمفردهم مع أفكارهم لمدة 15 دقيقة فقط، وعلى الرغم من ذلك، يثبت العلم أن للهدوء قيمة كبيرة، حيث ينشط “الانقطاع” ما يسميه علماء الأعصاب “شبكة الوضع الافتراضي” في الدماغ، وهي المسؤولة عن الإبداع، والمعالجة العاطفية، وحل المشكلات.
ووفقًا لطبيب النفس وأستاذ الأنثروبولوجيا في جامعة سيول الوطنية، هانسن بارك، فإن تخصيص وقت للتأمل الذاتي في مجتمعاتنا الحديثة والمزدحمة، يمكن أن يساعد الناس على التحكم في أفكارهم وأفعالهم، ويقلل من هرمونات التوتر. كما يمكن أن تكون هذه العملية فعالة على المدى الطويل في تخفيف القلق أو الاكتئاب.
اقرأ أيضًا
بعد حظرها في دول عربية.. معلومات وأرقام حول لعبة “روبلوكس”
خدعة Petscop.. كيف أنتج يوتيوبر لعبة “مزيفة” وحقق ملايين المشاهدات؟