العالم يواجه ذروة اختفاء الأنهار الجليدية في هذا الموعد

ديسمبر ١٩, ٢٠٢٥

شارك المقال

العالم يواجه ذروة اختفاء الأنهار الجليدية في هذا الموعد

تشير المعطيات العلمية إلى أن الأجيال المقبلة قد تعيش في كوكب تصبح فيه الأنهار الجليدية ظاهرة نادرة على نحو غير مسبوق. فالأرض تضم اليوم أكثر من 200 ألف نهر جليدي، إلا أن استمرار تغير المناخ دون تدخل فعّال قد يؤدي إلى تراجع هذا العدد إلى نحو 18 ألف نهر فقط قبل نهاية القرن الحالي.

وتتكوّن الأنهار الجليدية من كتل ضخمة من الجليد تراكمت عبر آلاف السنين فوق قمم الجبال، وتتحرك ببطء شديد مع الزمن، في مشهد يشبه تدفق نهر متجمد. ومع ارتفاع درجات الحرارة العالمية، تفقد هذه الأنهار قدرتها على التجدد نتيجة تراجع تساقط الثلوج وعدم وصول البرودة إلى مستويات تسمح بتكوّن الجليد، في الوقت الذي يتعرض فيه الجليد الداخلي للذوبان، ما يؤدي إلى تقلص الكتل الجليدية وتراجعها المستمر.

وتُعد هذه الظاهرة أزمة عالمية مرتبطة مباشرة بارتفاع حرارة الأرض. وفي دراسة حديثة أجرتها جامعة ETH زيورخ السويسرية، قام باحثون بتقييم الخسارة العالمية المتوقعة للأنهار الجليدية استنادًا إلى عدة سيناريوهات مناخية مختلفة، تعكس حجم الجهود الدولية المبذولة أو المتوقعة لمواجهة تغير المناخ. وهدفت الدراسة إلى تحديد ما يُعرف بـ"ذروة انقراض الأنهار الجليدية"، وهي المرحلة التي يصل فيها عدد الأنهار الجليدية التي تختفي خلال عام واحد إلى أعلى مستوى ممكن.

متى يحدث الذوبان الجليدي الكبير؟

بحسب نتائج الدراسة، فإن نجاح العالم في حصر الاحترار العالمي عند مستوى 1.5 درجة مئوية (2.7 درجة فهرنهايت) سيؤدي إلى بلوغ هذه الذروة قرابة عام 2041، حيث يُتوقع اختفاء نحو 2000 نهر جليدي خلال عام واحد فقط.

ويشير الباحثون إلى أن توقف ارتفاع درجات الحرارة عند هذا الحد يبدو غير مرجح، إذ ارتفع متوسط درجة حرارة الأرض بالفعل بنحو 1.2 درجة مئوية (2.16 درجة فهرنهايت) منذ الثورة الصناعية، ولا تزال الانبعاثات مستمرة. وفي حال وصول الاحترار العالمي إلى 4 درجات مئوية (7.2 درجة فهرنهايت)، وهو ما يُعرف بسيناريو "استمرار الوضع الحالي"، فإن ذروة الاختفاء ستتأخر إلى نحو عام 2055، لكنها ستترافق مع انهيار ما يقرب من 4000 نهر جليدي.

وتختلف وتيرة الانهيار الكامل للأنهار الجليدية من منطقة إلى أخرى حول العالم. ووفق التوقعات حتى عام 2100، فإن نسب البقاء المتوقعة ستكون على النحو التالي:

جبال الألب.. عند ارتفاع قدره +1.5 درجة مئوية، سيبقى نحو 430 نهرًا جليديًا (12 في المائة)، بينما لن يتجاوز العدد 20 نهرًا فقط (1 في المائة) عند +4 درجات مئوية.

جبال روكي.. سيبقى نحو 4400 نهر جليدي (25 في المائة) في سيناريو +1.5 درجة مئوية، مقابل 101 نهر فقط (أقل من 1 في المائة) في سيناريو +4 درجات.

جبال الأنديز.. من المتوقع بقاء 43 في المائة من الأنهار الجليدية عند +1.5 درجة مئوية، في حين تصل الخسارة إلى 94 في المائة عند +4 درجات.

آسيا الوسطى..  تشير التقديرات إلى بقاء 43 في المائة من الأنهار الجليدية عند +1.5 درجة مئوية، مقابل فقدان 96 في المائة منها في سيناريو الاحترار المرتفع.

تداعيات اختفاء الجليد

وفي تعليق على نتائج الدراسة، قال لاندر فان تريخت، المؤلف الرئيسي وأستاذ علم الجليد في جامعة ETH زيورخ، إن الباحثين تمكنوا "لأول مرة من تحديد سنوات زمنية تسبق الاختفاء الكامل لجميع الأنهار الجليدية على سطح الأرض".

ولا يقتصر القلق العلمي على اختفاء الجليد ذاته، بل يمتد إلى تداعياته الواسعة. فرغم أن فقدان عدد محدود من الأنهار الجليدية الصغيرة قد لا يُحدث تأثيرًا مباشرًا على مستوى سطح البحر عالميًا، فإن الانهيار الجماعي للأنهار الجليدية الضخمة يمكن أن يترك أثرًا ملموسًا. ومع ذلك، يؤكد الباحثون أن حجم النهر الجليدي ليس العامل الوحيد الحاسم، إذ تمثل الأنهار الجليدية الصغيرة مصدرًا حيويًا للمياه في العديد من المناطق، وتدعم إمدادات الشرب والزراعة والطاقة الكهرومائية والسياحة.

ويحذر العلماء من أن اختفاء هذه الكتل الجليدية سيترك مجتمعات كاملة في بيئات جبلية أكثر جفافًا وخطورة. وفي هذا السياق، قال فان تريخت: "كل نهر جليدي مرتبط بمكان محدد، وبقصة، وبأناس يشعرون بفقدانه". وأضاف: "لهذا السبب نعمل على حماية ما تبقى من الأنهار الجليدية، وعلى حفظ ذاكرة تلك التي اختفت بالفعل".

اقرأ أيضًا:
بركان إثيوبي ينفجر لأول مرة منذ 12 ألف عام.. هل تتأثر المملكة؟
بصمة تغير المناخ.. الأعاصير والفيضانات تضرب بقوة أكبر
خطة ماسك لحجب الشمس تخفيفًا للاحتباس الحراري تثير الجدل

الأكثر مشاهدة

أحصل على أهم الأخبار مباشرةً في بريدك


logo alelm

© العلم. جميع الحقوق محفوظة

Powered by Trend'Tech

العالم يواجه ذروة اختفاء الأنهار الجليدية في هذا الموعد - العلم