logo alelm
خدعة Petscop.. كيف أنتج يوتيوبر لعبة “مزيفة” وحقق ملايين المشاهدات؟

في عالم الإنترنت المليء بالمحتوى المزيف والقصص الخيالية، نجح مبدع مجهول في خداع ملايين الأشخاص حول العالم لأكثر من عامين، من خلال إنتاج سلسلة فيديوهات مزيفة لما ادعى أنه لعبة فيديو مفقودة من عصر البلايستيشن الأول، عرفت باسم خدعة Petscop وتحولت إلى واحدة من أشهر قصص الرعب الرقمية في تاريخ الإنترنت.

اكتشاف “لعبة مفقودة”

في 12 مارس 2017، ظهر على يوتيوب قناة باسم “Petscop” نشرت فيديو أول يحمل عنوان “Petscop 1″، حيث يظهر شخص يُدعى “بول” وهو يلعب لعبة تبدو وكأنها من تسعينيات القرن الماضي.

في الوصف، كُتب ببساطة: “اللعبة التي وجدتها”. اللعبة بدت للوهلة الأولى كلعبة بريئة لجمع الحيوانات الأليفة في عالم ثلاثي الأبعاد ملون، تشبه ألعاب البوكيمون القديمة.

بدأ “بول” الفيديو بالقول: “هذا فقط لأظهر لكم أنني لا أختلق هذه اللعبة التي وجدتها. سأوضح لكم كل ما واجهته حتى الآن”. الراوي تحدث بصوت طبيعي وأسلوب مقنع، مما جعل المشاهدين يصدقون أنه وجد فعلاً لعبة حقيقية مفقودة من شركة تطوير تُدعى “Garalina” من عام 1997.

التطور المظلم وسر النجاح

ما بدأ كلعبة أطفال بريئة تحول تدريجياً إلى كابوس مرعب. مع تقدم الحلقات، اكتشف “بول” مناطق مخفية في اللعبة تحتوي على رموز وإشارات مظلمة تتعلق بصدمات الطفولة وحوادث اختطاف أطفال حقيقية.

اللعبة بدأت تُظهر تفاصيل مقلقة وشخصيات غامضة وألغاز معقدة تربط بين العالم الافتراضي وأحداث من الواقع.

السر وراء نجاح “Petscop” كان في التفاصيل الدقيقة والأجواء المقنعة. كل شيء من القوائم والحركات والأصوات بدا وكأنه من لعبة بلايستيشن حقيقية من التسعينيات.

المبدع وراء السلسلة، الذي كُشف لاحقاً أنه توني دومينيكو، استثمر وقتاً هائلاً في صنع لعبة مزيفة مقنعة تماماً.

انتشار الظاهرة وتفاعل المجتمع

بعد يوم من نشر الفيديو الرابع، شارك دومينيكو (تحت اسم مستخدم palescowitz) الفيديوهات على منتدى Reddit في مجموعة r/creepygaming بعنوان: “فيديوهات للعبة غامضة غير مكتملة من البلايستيشن من عام 1997، تُدعى ‘Petscop’. هناك شيء مخفي فيها”.

ردود الأفعال كانت إيجابية بالكامل، وهذا كان الوقت الوحيد الذي احتاج فيه دومينيكو للترويج المباشر لعمله.

المشاهدون بدأوا في ملاحظة التفاصيل المخفية في شاشات التحميل والأشياء في الخلفية التي لم يلاحظها “بول” ظاهرياً، مما سحب الناس إلى القصة بطريقة مدروسة.

مجتمع من المحققين الرقميين

تشكل حول “Petscop” مجتمع ضخم من المتابعين المهووسين بحل ألغازها. أُنشئت مجموعة فرعية على Reddit، ويكيبيديا، وخادم Discord. آلاف، ثم عشرات الآلاف، ثم مئات الآلاف من الأشخاص اشتركوا في قناة “Petscop” على يوتيوب.

جزء من المجتمع تخصص في إيجاد الروابط والمعاني. قنوات يوتيوب مثل Game Theory وNightmare Masterclass وPyrocynical أنتجت فيديوهات تحليلية خاصة بها.

بالإضافة إلى الويكي، كتب المعجبون وثيقة Google مشتركة مكونة من 129 صفحة توثق كل ما يعرفونه، كل ذلك على أمل الوصول لحقيقة ما يحدث.

الكشف عن الحقيقة والتأثير الثقافي

امتدت السلسلة لـ24 حلقة على مدى عامين ونصف، من مارس 2017 حتى سبتمبر 2019.

طوال هذه الفترة، نجح دومينيكو في الحفاظ على الوهم وإبقاء المشاهدين في حالة ترقب مستمر.

عندما انتهت السلسلة أخيراً، كُشف أن كل شيء كان عملاً فنياً مدبراً بعناية فائقة.

وُصف “Petscop” من قبل النقاد بأنه “أفضل قطعة فنية حديثة تم إنتاجها على الإطلاق” و”الجمع المثالي بين صيغة الترفيه الحديثة (يوتيوب) والكتابة الممتازة”.

السلسلة استخدمت يوتيوب ليس فقط لسرد القصة من خلال الفيديوهات، بل أيضاً من خلال أوصاف الفيديوهات وصفحة “حول القناة” وأيقونة القناة، كلها لعبت دوراً كبيراً في سرد القصة.

تقنيات الإقناع والخداع المتقن

نجاح “Petscop” في خداع الجماهير لم يكن صدفة، بل نتيجة لعدة عوامل مدروسة:

الأصالة البصرية: اللعبة بدت أصلية تماماً كلعبة بلايستيشن من التسعينيات، بالرغم من أن نقص “اهتزاز المضلعات” كان دليلاً خفياً على كونها مزيفة لمن يعرفون التفاصيل التقنية.

الأداء المقنع: “بول” قدم أداءً طبيعياً دون مبالغة أو تمثيل واضح، مما جعل تجربة المشاهدة تبدو أصلية.

الغموض المدروس: كان هناك دائماً شعور بوجود “شيء أكثر” لم يره المشاهد، مما خلق أجواء رعب مثالية.

استخدام أحداث حقيقية: ربط اللعبة بحوادث اختطاف أطفال حقيقية أضاف طبقة من الواقعية المرعبة.

الإرث والتأثير على ثقافة الإنترنت

“Petscop” أصبح مرجعاً في عالم قصص الرعب الرقمية و”الكريبي باستا”، وأثر على العديد من المبدعين اللاحقين الذين حاولوا محاكاة نجاحه.

السلسلة أظهرت قوة يوتيوب كوسيط لسرد القصص المعقدة، وكيف يمكن للمحتوى المزيف أن يحقق تأثيراً ثقافياً أكبر من المحتوى الحقيقي.

الظاهرة أيضاً سلطت الضوء على استعداد الجماهير للتصديق والانخراط في القصص الغامضة، خاصة عندما تُقدم بطريقة مقنعة ومدروسة.

كما أظهرت كيف يمكن للمجتمعات الرقمية أن تتشكل حول محتوى خيالي وتساهم في نموه وانتشاره.

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

المرشح لأمانة الجامعة العربية.. من هو السفير نبيل فهمي؟

المقالة التالية

هل ينبغي للطلاب استخدام الذكاء الاصطناعي في واجباتهم المدرسية؟.. الإيجابيات والسلبيات