
أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، اليوم الأربعاء، أمرًا ملكيًا بتعيين الشيخ الدكتور صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان مفتيًا عامًا للمملكة العربية السعودية، ورئيسًا لهيئة كبار العلماء، ورئيسًا عامًا للرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بمرتبة وزير.
ويُعد صالح الفوزان رابع مفتي عام في تاريخ المملكة بعد المشايخ: محمد بن إبراهيم آل الشيخ، وعبدالعزيز بن باز، وعبدالعزيز آل الشيخ.
وُلد صالح الفوزان عام 1354هـ (1935م) في بلدة الشماسية بمنطقة القصيم، ونشأ يتيمًا بعد وفاة والده، فاحتضنته أسرته ووجهته نحو طلب العلم وحفظ القرآن الكريم، وبدأ تعلُّم القراءة والكتابة على يد الشيخ حمود بن سليمان التلال، الذي كان قاضيًا في بلدة ضرية بالقصيم، ليضع بذلك أولى خطواته في طريق طويل من التحصيل العلمي الشرعي.
حين افتتحت المدرسة الحكومية في الشماسية عام 1369هـ (1950م)، كان صالح الفوزان من أوائل الملتحقين بها، ثم أكمل المرحلة الابتدائية في المدرسة الفيصلية ببريدة عام 1371هـ (1952م)، وعمل بعدها مدرسًا في التعليم الابتدائي، قبل أن ينتقل إلى المعهد العلمي في بريدة عام 1373هـ (1954م)، حيث تخرج منه بعد أربعة أعوام، وواصل دراسته العليا في كلية الشريعة بالرياض، وتخرج فيها عام 1381هـ (1961م).
نال صالح الفوزان درجتي الماجستير والدكتوراه في الفقه من الكلية ذاتها؛ وكانت رسالة الماجستير بعنوان «التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية» في علم المواريث، أما الدكتوراه فكانت بعنوان «أحكام الأطعمة في الشريعة الإسلامية»، وهما من المؤلفات التي طُبعت لاحقًا وأصبحت مراجع علمية معروفة.
بدأ صالح الفوزان مسيرته الأكاديمية مدرسًا في المعهد العلمي بالرياض، ثم انتقل إلى كلية الشريعة حيث تولى التدريس في مراحل مختلفة، قبل أن يصبح أستاذًا في الدراسات العليا بكلية أصول الدين، ثم مدرسًا في المعهد العالي للقضاء، وتم تعيينه لاحقًا مديرًا للمعهد العالي للقضاء، وبعد انتهاء تكليفه الإداري، واصل التدريس في المعهد نفسه.
انتقل صالح الفوزان بعد ذلك إلى اللجنة الدائمة للإفتاء والبحوث العلمية، حيث عمل عضوًا فاعلًا في إصدار الفتاوى وبحوث القضايا الشرعية، قبل أن يُعيّن مفتيًا عامًا للمملكة، وقد عُرف بدقته العلمية وتحريه الأدلة الشرعية في كل ما يصدر عنه من فتاوى وأحكام.
تميّز صالح الفوزان بعطائه العلمي الواسع ومشاركاته المنتظمة في البرامج الإذاعية والعلمية، ومن أبرزها برنامج “نور على الدرب”، الذي يجيب فيه على أسئلة المستفتين في شؤون الدين والحياة، كما قدم برنامجًا إذاعيًا بعنوان «قراءة في فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية»، الذي تناول فيه العديد من المسائل الفقهية على مدار عشر سنوات.
إلى جانب ذلك، يشغل صالح الفوزان عضوية عدد من المجالس والهيئات الشرعية، منها هيئة كبار العلماء، والمجمع الفقهي في مكة المكرمة التابع لرابطة العالم الإسلامي، ولجنة الإشراف على الدعاة في الحج.
تتلمذ صالح الفوزان على نخبة من كبار العلماء في المملكة والعالم الإسلامي، ومن أبرزهم الشيخ عبدالعزيز بن باز، الذي كان له الأثر الأكبر في توجيهه العلمي والعملي، حيث تعلّم منه دقة الفتوى والصبر على المسؤولية.
كما درس على يد الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، وعبدالرزاق عفيفي، وعبدالله بن حميد، وغيرهم من علماء الشريعة.
أثرى صالح الفوزان المكتبة الإسلامية بالعديد من المؤلفات المتخصصة في الفقه والعقيدة، منها:
كما جمع طلابه عددًا من فتاواه ومحاضراته تحت عنوان «مجموع فتاوى في العقيدة والفقه»، المستمد من حلقات نور على الدرب، وقد صدر منه حتى الآن خمسة أجزاء.
رحّب العلماء والدعاة والمفكرين بقرار تعيين صالح الفوزان مفتيًا عامًا للمملكة، مشيرين إلى أنه يأتي امتدادًا لنهج المملكة في تولية العلماء الراسخين ممن جمعوا بين العلم الشرعي العميق والخبرة في الفتوى. ويُنظر إلى صالح الفوزان باعتباره أحد أبرز علماء الفقه والعقيدة في العصر الحديث، ويمثل مدرسة راسخة في الفهم الدقيق للنصوص الشرعية.
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
عبدالعزيز آل الشيخ.. رحيل صوت الفتوى في المملكة