logo alelm
ساركوزي خلف القضبان.. أين سيقضي الرئيس الفرنسي الأسبق عقوبة السجن؟

بدأ الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، اليوم الثلاثاء، تنفيذ حكم قضائي يقضي بسجنه خمس سنوات، بعد إدانته بتهمة التآمر في تمويل حملته الانتخابية عام 2007 بأموال ليبية، مقابل امتيازات سياسية ودبلوماسية. وبذلك يصبح أول رئيس في تاريخ الجمهورية الفرنسية الحديثة يُحتجز فعليًا لقضاء عقوبة خلف القضبان.

وغادر ساركوزي منزله في ضاحية باريسية صباح اليوم متجهًا بسيارته نحو مجمع سجن “لا سانتيه” الواقع في الدائرة الرابعة عشرة من العاصمة. ورافق موكبه العشرات من عناصر الشرطة على دراجاتهم النارية، فيما لوّح لأنصاره الذين تجمعوا لتوديعه، قبل أن يُغلق خلفه الباب الفولاذي الثقيل للسجن.

وصدر الحكم على ساركوزي الشهر الماضي، وتضمن عقوبة بالسجن لخمس سنوات بعد إثبات ضلوعه في خطة تمويل غير قانونية لحملته الانتخابية من النظام الليبي السابق. وعلى الرغم من أنه قدّم استئنافًا رسميًا، إلا أنه في هذه الأثناء مطالب بقضاء العقوبة داخل السجن، بانتظار قرار المحكمة النهائي بشأن طلب الإفراج المشروط.

مكان احتجازه وكيفية قضاء العقوبة

من المرجح أن يُقيم الرئيس السابق في جناح خاص داخل سجن لا سانتيه، يعرف باسم “جناح كبار الشخصيات”. هذا القسم مخصص عادة للسجناء الذين لا يمكن دمجهم مع بقية النزلاء لأسباب أمنية، إما لأنهم شخصيات عامة أو مسؤولون سابقون أو أفراد من الشرطة، أو لأن وجودهم بين السجناء العاديين قد يعرضهم للخطر. وقد ضم هذا الجناح في فترات سابقة سياسيين بارزين، وأعضاء في منظمات يمينية متطرفة، بل وحتى متورطين في قضايا إرهاب.

وبحسب ما نشرته شبكة CNN يتكوّن جناح كبار الشخصيات من 18 زنزانة متطابقة المساحة، تبلغ مساحة الواحدة منها نحو تسعة أمتار مربعة. تحتوي كل زنزانة على سرير معدني ومرتبة بسيطة ومكتب صغير وثلاجة وموقد كهربائي وتلفزيون ودش ومرحاض، إضافة إلى هاتف ثابت مخصص للاتصال بأرقام محددة يحصل السجين على إذن مسبق للتواصل معها. ورغم بساطة التجهيزات، يرى بعض السجناء السابقين أن هذه الظروف تُعد مريحة نسبيًا مقارنة ببقية أقسام السجن. أحدهم وصف المكان بأنه “يشبه فندقًا اقتصاديًا أوروبيًا”، في حين قال آخر إن “الضوضاء ليلًا لا تُطاق، إذ يسمع السجين صرخات مستمرة من الزنازين المجاورة”.

إذا تم إيداع ساركوزي في جناحه الخاص، فسيعيش حياة مقننة ومحددة الوقت. ستُفتح أبواب الزنازين لفترات قصيرة يوميًا للسماح له بالاستحمام أو التريض أو تلقي زيارات من أسرته ومحاميه. وتُطبق داخل السجن قواعد صارمة تحد من استخدام الهواتف والتواصل مع الخارج، باستثناء مكالمات مراقبة مع أفراد محددين. ورغم أن ظروف الجناح أفضل من الزنازين العامة، فإن العزلة تبقى السمة الأبرز. فالحبس الانفرادي، وإن كان يضمن الأمان، يحمل معه شعورًا ثقيلًا بالوحدة والجمود. يقول بعض من عاشوا التجربة إن “الوقت يتوقف هناك، ولا شيء يرافقك سوى صوت الأقفال والصرخات في الممرات”.

سجن “لا سانتيه”.. تاريخ طويل وسجناء بارزون

بُني سجن لا سانتيه عام 1867، على طراز معماري شعاعي يتيح للحراس مراقبة السجناء من نقاط مركزية. وخضع السجن لعملية ترميم شاملة بين عامي 2015 و2019 لتحديث المرافق وتحسين شروط الإقامة. ويقع السجن في حي سكني هادئ يقابل دارًا للمسنين، ولا يوحي مظهره الخارجي بأنه منشأة احتجاز، إلا أن صفارات الشرطة التي تُسمع بين الحين والآخر تذكّر المارة بطبيعته الصارمة.

وشهدت جدران السجن مرور شخصيات عديدة، بعضها مثير للجدل. من بينهم مانويل نورييغا، الحاكم العسكري السابق لبنما الذي أُرسل إلى هناك بعد سقوط نظامه، وإيليتش راميريز سانشيز المعروف بلقب “كارلوس الثعلب”، أحد أبرز الإرهابيين في السبعينيات والثمانينيات، إضافة إلى جاك ميسرين، اللص والقاتل الشهير الذي تمكن من الهروب من السجن متنكرًا في زي حارس. كما احتُجز فيه ألفريد دريفوس خلال القضية التي هزت فرنسا في القرن التاسع عشر، ومؤخرًا ألكسندر بينالا، الحارس الشخصي السابق للرئيس إيمانويل ماكرون، بعد إدانته بالاعتداء على متظاهرين.

موقف ساركوزي من سجنه

قبل دخوله السجن مباشرة، نشر نيكولا ساركوزي بيانًا على منصة X أكد فيه أنه رجل بريء، معتبرًا ما يحدث له “فضيحة قضائية”. وقال إن أفكاره تتجه إلى الشعب الفرنسي، مشددًا على أنه يُسجن “ليس بصفته رئيسًا سابقًا، بل كمواطن ظلمته العدالة”. وأعرب عن امتنانه لأسرته، ولا سيما زوجته كارلا بروني التي ظلت إلى جانبه منذ بداية المحاكمة.

وفي تصريحات لاحقة، أعرب ساركوزي عن حزنه العميق تجاه ما وصفه بإهانة فرنسا لنفسها عبر الانتقام السياسي، مؤكدًا أنه سيتابع معركته القانونية حتى النهاية. فريقه القانوني قدّم بالفعل طلبًا للإفراج المشروط عنه، بانتظار قرار المحكمة المتوقع خلال الشهرين المقبلين. وسيمر ساركوزي بفترة تقييم أولية عند وصوله، تُحدد خلالها طبيعة احتجازه الدقيقة ومستوى الإجراءات الأمنية المطلوبة. وبعدها سيبدأ التأقلم مع حياته الجديدة خلف الأسوار، بين روتين صارم وزيارات محدودة ووقت طويل للتفكير في مسيرته السياسية التي كانت يومًا في ذروة السلطة.

ورغم أن الرئيس الفرنسي الأسبق يبدو مصممًا على خوض معركته القضائية حتى النهاية، فإن لياليه الأولى في زنزانة “لا سانتيه” ستكون، بلا شك، اختبارًا قاسيًا لرجل اعتاد أن يعيش في قصر الإليزيه لا خلف قضبانه.

اقرأ أيضًا:
50 مليون دولار.. مكافأة أمريكية للقبض على الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو
هل صفعت “بريجيت” زوجها الرئيس الفرنسي “ماكرون” أمام الكاميرات؟
لماذا تحول موقف الرئيس الفرنسي من روسيا؟

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

مباريات دوري أبطال أوروبا اليوم 21 أكتوبر.. مواجهات نارية

المقالة التالية

بأمر ترامب.. هدم جزء من البيت الأبيض لبناء قاعة رقص