يُقدر عدد المصابين بعمى الألوان عالميًا بنحو 300 مليون شخص، وتتفاوت حالتهم بين صعوبة في التمييز بين الألوان، أو فقدان القدرة على تحديد سطوعها، أو في حالات نادرة، عدم القدرة على رؤية أي لون مطلقًا.
لكن اللافت أن عمى الألوان يصيب الذكور بنسبة أعلى بكثير مقارنة بالإناث، حيث يُصاب واحد من كل 12 ذكرًا، مقابل واحدة من كل 200 أنثى فقط.
تُفسر هذه الظاهرة بالعوامل البيولوجية والوراثية التي تتحكم في وظيفة العين البشرية، حيث يعتمد إدراك الألوان على وجود خلايا حساسة تُسمى المخاريط تقع في شبكية العين، وهناك ثلاثة أنواع من هذه الخلايا المخروطية: واحدة حساسة للضوء الأحمر، وأخرى للأخضر، وثالثة للأزرق، وفي حال غياب أو خلل في أحد هذه الأنواع، تظهر حالة عمى الألوان.
النوع الأكثر شيوعًا من عمى الألوان هو العمى بين اللونين الأحمر والأخضر، ويحدث ذلك عندما تكون الخلايا المخروطية الخاصة بهذين اللونين مفقودة أو غير فعالة.
ويعتبر النوع الأقل شيوعًا هو عمى اللونين الأزرق والأصفر، أما العمى الكامل للألوان، فيُعد نادرًا للغاية ويُصيب أقل من شخص واحد من كل 30,000 شخص.
يكمن السبب الرئيس لارتفاع نسبة الذكور المصابين بحالة عمى الألوان في الكروموسوم X، فالجينات المسؤولة عن تصنيع البروتينات الحساسة للضوء تقع على هذا الكروموسوم تحديدًا.
وبما أن الذكور يملكون كروموسوم X واحدًا فقط (وكروموسوم Y)، فإن وجود خلل في هذا الجين يعني أنهم لا يملكون نسخة بديلة للتعويض.
في المقابل، تمتلك الإناث اثنين من كروموسوم X، ما يمنحهن فرصتين للحصول على جين سليم، وحتى في حال حمل إحدى النسختين لخلل، فإن النسخة الأخرى غالبًا ما تكون كافية للحفاظ على الرؤية الطبيعية للألوان.
هذا ما يجعل عمى الألوان أقل شيوعًا بكثير لدى النساء، رغم أنهن قد يحملن الجينات المعيبة وينقلنها للأبناء الذكور.
رغم أن عمى الألوان غالبًا ما يكون وراثيًا، إلا أن هناك حالات نادرة تُصاب فيها النساء نتيجة أمراض مكتسبة مثل التهاب العصب البصري، أو إعتام عدسة العين، أو الزرق.
وقد يظهر هذا النوع من عمى الألوان في مراحل متأخرة من الحياة، ويُعتبر من الحالات القابلة للتشخيص والعلاج في بعض الأحيان.
حتى اليوم، لا توجد علاجات واسعة الانتشار لعلاج عمى الألوان، لكن الأمل يلوح في الأفق من خلال دراسات متقدمة في مجال العلاج الجيني، وتعمل بعض الفرق العلمية على استخدام فيروسات آمنة لنقل جينات سليمة إلى الخلايا البصرية، وقد نجحت هذه التقنية في استعادة رؤية الألوان في نماذج حيوانية، ويجري حاليًا اختبارها على البشر.
إذا أثبتت هذه العلاجات فعاليتها، فقد تفتح الباب أمام علاج فعّال لحالات عمى الألوان الوراثي، وتمنح ملايين الأشخاص فرصة لرؤية العالم بجماله اللوني الكامل.
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
هل يسرق الجبن نومك؟ دراسة تكشف العلاقة الخفية بين الألبان والكوابيس
مع تزايد شعبية أكياس النيكوتين.. هل هي أكثر أمانًا من التدخين؟