تتردد بين الناس قناعة شبه راسخة بأن أشهر الصيف الحارة تأتي معها وتيرة نمو متسارعة للشعر والأظافر. ورغم أن هذا الادعاء قد يبدو غير منطقي للوهلة الأولى – فالحاجة لغطاء إضافي تقل في الحرارة – إلا أن هذه الفكرة الشعبية تحمل في طياتها أساسًا علميًا حقيقيًا. لكن القصة الكاملة أكثر تعقيدًا وتشويقًا.
يكمن التفسير العلمي الأساسي لهذه الظاهرة في تأثير الحرارة المباشر على الدورة الدموية في الجسم. فمن المعروف أن ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى توسع الأوعية الدموية الطرفية لزيادة تدفق الدم إلى الجلد والمساعدة في تبريد الجسم. هذه الدورة الدموية المحسنة تعمل كنظام توصيل فائق الكفاءة، حيث تنقل كميات أكبر من الأكسجين والمغذيات وعوامل النمو الحيوية إلى بصيلات الشعر وقواعد الأظافر، وهما المصنعان الرئيسيان المسؤولان عن نموهما. ومن الناحية النظرية، فهذا التحفيز الإضافي من شأنه أن يسرّع من وتيرة إنتاج خلايا جديدة، مما يؤدي إلى نمو أسرع لكل من الشعر والأظافر.
وعند تطبيق هذه النظرية على الشعر، نجد أن الأدلة العلمية التي تدعمها محدودة ولكنها موجودة. فقد أظهرت بعض الدراسات الصغيرة أن نمو شعر اللحية يتسارع بالفعل في الأشهر الحارة، وأن كمية الشعر الموجودة على الرأس في مرحلة “الاستقرار” – أي الشعر الذي لا ينمو أو يتساقط بنشاط – تكون في أعلى مستوياتها في نهاية الصيف. لكن يجب وضع هذا التسارع في سياقه الحقيقي؛ فمعدل نمو الشعر الأساسي بطيء للغاية، حيث لا يتجاوز نصف مليمتر يوميًا. وحتى لو زاد هذا المعدل بنسبة 60%، وهو أقصى ما تشير إليه الدراسات، فإن الفارق سيظل ضئيلًا جدًا ومن المستحيل ملاحظته بالعين المجردة.
ترجع الإجابة في الغالب إلى عامل نفسي وإدراكي. وكما أوضحت طبيبة الأمراض الجلدية روبين غميرك، فإننا في الصيف نرتدي ملابس أقل ونقوم بحلاقة أجزاء الجسم المكشوفة بشكل متكرر، مما يجعلنا أكثر انتباهًا لأي نمو جديد، حتى لو كان مليمترًا واحدًا. وبالتالي، فإن الإحساس بنمو الشعر السريع هو في معظمه وهم بصري، وليس حقيقة ملموسة.
وتبدو الأدلة أكثر وضوحًا فيما يتعلق بنمو الأظافر، حيث تتفق معظم الدراسات على أنها تنمو بالفعل بشكل أسرع في الصيف. كما أن نموها يتأثر بعوامل أخرى، فأظافر اليد المهيمنة تنمو أسرع، وأظافر الأصابع الوسطى والرابعة تتفوق على الإبهام والخنصر.
لكن القصة تأخذ منعطفًا غريبًا مع دراسة ذاتية فريدة من نوعها أجراها الطبيب ويليام بين، الذي قام بقياس نمو أظافره بدقة متناهية كل شهر على مدار أربعة عقود، ابتداءً من عام 1941. وقد كشفت ملاحظاته الطويلة عن حقائق مثيرة، مثل تباطؤ نمو الأظافر الحاد بعد سن الأربعين، وتأثرها الشديد بأمراض مثل النكاف الذي كاد أن يوقف نموها تمامًا. لكن المفاجأة الكبرى كانت أنه، على عكس كل التوقعات، لم يجد أي اختلاف موسمي في وتيرة نمو أظافره.
وقد وضع الطبيب “بين” بنفسه فرضية ذكية لتفسير ذلك، حيث كتب في إحدى أوراقه البحثية: “أعتقد أن قضاء هذا الوقت الطويل في الداخل مع التدفئة المركزية وتكييف الهواء.. لا يعني تعرضي الكافي للتقلبات المناخية القاسية”. بعبارة أخرى، لقد تطور نمط حياتنا الحديث لدرجة أننا عزلنا أنفسنا عن التقلبات الطبيعية التي كانت تؤثر على أجساد أسلافنا، بما في ذلك وتيرة نمو الأظافر.
ويشكل عام، يمكن القول بإن الشعر والأظافر تنمو بوتيرة أسرع في الصيف، والآلية الفسيولوجية التي تدعم ذلك حقيقية ومثبتة. ولكن، في واقعنا المعاصر، فإن تأثيرها على نمو الشعر ضئيل جدًا لدرجة أنه غير ملحوظ، وتأثيرها على نمو الأظافر قد تم تحييده إلى حد كبير بفضل نمط حياتنا الداخلي والمكيف. لذلك، في المرة القادمة التي تشعر فيها بأن نموهما يتسارع في الصيف، تذكر أن ما تشعر به قد يكون مزيجًا من حقيقة علمية دقيقة ووهم ناتج عن بيئتك الحديثة.