«إذا كان شعرك خشنًا ومجعدًا، فكُل الفلفل الحلو»، بهذه العبارة الجذّابة والمختزلة، انتشرت مؤخّرًا منشورات على إنستجرام تُقدّم وعدًا مبسّطًا بحلّ معقّد: تناول الفلفل لعلاج خشونة الشعر وتجعيده.
وبينما أُغرِقَت التعليقات بأسئلة مندهشة وأخرى ممتنّة، طرح آخرون تساؤلًا أبسط: هل هذا حقيقي فعلًا؟ وهل يمكن للخضار أن يحلّ ما لم تفلح فيه كريمات باهظة وأجهزة تصفيف حرارية؟
في زمن تُختصر فيه المعرفة بمنشور أو مقطع فيديو قصير، يصبح من السهل خلط المعلومة بالمبالغة. تأتي هذه المزاعم الأخيرة في سياق تزايد الخطاب الرقمي حول «العلاجات الطبيعية»، حيث يُعاد تدوير خصائص مكونات غذائية مفيدة ضمن وعود علاجية مباشرة لا تستند غالبًا إلى أدلّة.
المنشور الذي راج مؤخرًا يقول بوضوح: «إذا كان شعرك خشنًا، فكُل الفلفل». لكنّ مراجعة علمية دقيقة لما يقوله الخبراء تُظهر صورة مختلفة تمامًا.
الفلفل الحلو، أو «الكابسيكوم»، غني بالفيتامينات الأساسية لصحة الشعر، خصوصًا فيتاميني A وC. وفقًا للدكتورة «سواتي ديف»، الحاصلة على دكتوراه في علوم الغذاء والتغذية، فإنّ «فيتامين C يعزّز إنتاج الكولاجين، وهو البروتين البنيوي الذي يحافظ على قوة الشعر وبنية البصيلات. أما فيتامين A، فيساعد على ترطيب فروة الرأس وتعزيز نموّ بصيلات صحّية».
كذلك يحتوي الفلفل الحار على مركّب الكابسيسين، الذي أظهر في دراسة منشورة عام 2007 نتائج واعدة في تحفيز نموّ الشعر لدى مرضى الثعلبة عند دمجه مع الإيزوفلافون، عبر زيادة إنتاج عامل النمو الشبيه بالأنسولين IGF-1.
لكنّ هذا، كما توضّح د. ديف، «لا يعني أن تناول الفلفل سيُصلح خشونة الشعر أو يمنع التجعد، لأن هذه الصفات لا تتعلّق بنموّ الشعر بقدر ما ترتبط بعوامل خارجية».
تكمن الإجابة في بنية الشعرة نفسها. تتكوّن الطبقة الخارجية للشعرة من قشور دقيقة أشبه بالبلاط. عندما تكون هذه القشور ملساء ومغلقة، يبدو الشعر ناعمًا. لكن الرطوبة الزائدة أو التصفيف الحراري أو حتى المواد الكيميائية يمكن أن ترفع تلك القشور، فتسمح بدخول الماء من الجو إلى داخل الشعرة، ما يسبّب انتفاخها وتجعدها.
بكلمات أوضح: «التجعد لا يُعالج من الداخل، بل من الخارج»، بحسب ما يؤكده الدكتور «إيكانيش شيخار»، اختصاصي الجلدية وعلاج الشعر. ويضيف: «الترطيب المنتظم، وتجنّب الشامبو القاسي، والتقليل من أدوات التصفيف الحراري، كلها استراتيجيات فعالة ضد التجعد. أمّا الغذاء، فيدعم نموّ شعر صحي على المدى الطويل لكنه لا يُصلح الشعرة بعد أن تلفت».
ربما. فالتغذية الجيدة تُشكّل قاعدة أساسية لصحة الشعر على المدى البعيد. امتصاص الحديد، الذي يحتاجه الجسم لنقل الأوكسجين إلى بصيلات الشعر، يعتمد على فيتامين C الموجود بوفرة في الفلفل. كذلك، يساهم الكولاجين في تقوية بنية الشعر، ما قد يقلل من التقصف أو الجفاف مع الوقت. لكن كل هذه الفوائد غير مرتبطة مباشرة بتقليل التجعد أو الخشونة.
بتعبير أدق: الفلفل ليس معجزة سحرية. هو عنصر مفيد في نظام غذائي متوازن يدعم صحّة الجسم ككل، ومنه الشعر. لكن الاعتماد عليه وحده لعلاج مشكلة ظاهرية مثل خشونة الشعر هو تجاهل للعوامل الحقيقية الكامنة وراءها.
وفقًا للأطباء، فإن معالجة خشونة الشعر تتطلّب نظام عناية خارجي يشمل:
استخدام شامبو وبلسم مرطّب خالٍ من الكبريتات تجنب التجفيف بالحرارة المفرطة
استخدام الزيوت الطبيعية أو السيروم الذي يحبس الرطوبة
قصّ أطراف الشعر بانتظام للتخلّص من التقصف
وبالطبع، في حال استمرّت المشكلة رغم العناية، يُنصَح بزيارة طبيب جلدية لفحص فروة الرأس وتحليل الأسباب العضوية المحتملة مثل نقص الحديد أو الاضطرابات الهرمونية.