تعكس الآلات التي بناها البشر عبر التاريخ والتعقيدات التي تغلفها، تعقيد العقل البشري وذكائه وطموحه اللامحدود كذلك.
فمن استكشاف أعماق الفضاء إلى كشف أسرار الذرة، مكنتنا الآلات الأكثر تعقيدًا من توسيع حدود العلم والتقنية، وباتت كل منها بمثابة شهادة على السعي البشري الدؤوب للمعرفة والتمكن من السيطرة على العالم.
في السطور التالية، نلقي نظرة على بعض من هذه الآلات التي مهدت الطريق لاكتشافات جديدة وما زالت تثير الدهشة والإعجاب.
تلسكوب جيمس ويب
يمثل تلسكوب جيمس ويب الفضائي (JWST) واحدًا من أكثر مشاريع ناسا طموحًا وتحديًا تقنيًا حتى الآن، فهو مرصد غير مسبوق للأشعة تحت الحمراء، مصمم لتوفير رؤية أعمق للكون من أي تلسكوب سابق.
وتطلب تطوير تلسكوب جيمس ويب الفضائي خبرة جماعية لمئات من العلماء والمهندسين والمتخصصين في البصريات، إلى جانب التعاون بين ثلاث وكالات فضائية رئيسية: ناسا، ووكالة الفضاء الأوروبية (ESA)، ووكالة الفضاء الكندية (CSA).
فيما ساهم أكثر من 1200 فرد من جميع أنحاء العالم في بناء هذا التلسكوب الفضائي القوي، إذ كانت عملية تصميمه واسعة النطاق وتضمنت إنشاء 10 ابتكارات تكنولوجية جديدة، تسمى “التقنيات التمكينية”، والتي كانت ضرورية لبنائه. وسمحت هذه التطورات لـ JWST بتجاوز قدرات سابقه، تلسكوب هابل الفضائي، بحوالي 100 مرة.
مفاعل توكاماك للاختبار الاندماجي
كان مفاعل اختبار الاندماج توكاماك (TFTR) مشروعًا رائدًا في مختبر فيزياء البلازما في برينستون، وقد تم تشغيله من عام 1982 إلى عام 1997، إذ حقق درجات حرارة البلازما إلى 510 مليون درجة مئوية، وهو إنجاز يتجاوز بكثير 100 مليون درجة مئوية.
في تجربة تاريخية في عام 1993، استخدم TFTR مزيجًا من الديوتيريوم والتريتيوم – وهما نظيران للهيدروجين – كوقود، وقد كان هذا الخليط مفتاحًا لمفاعل الاندماج العملي، وهو النوع الذي يمكنه توفير الطاقة لشبكات الطاقة لدينا بشكل واقعي.
وفي العام التالي، أنتج المفاعل قدرة غير مسبوقة تبلغ 10.7 مليون واط من طاقة الاندماج، مما يدل على إمكانية توفير الكهرباء لآلاف الأسر.
آلة Z
تعد الآلة Z الموجودة داخل مختبرات سانديا الوطنية في الولايات المتحدة، واحدة من الآلات معقدة البناء، وتحمل لقب مصدر الإشعاع المختبري الأقوى والأكثر كفاءة في العالم.
الآلة Z قادرة على إنتاج ظروف غير موجودة في أي مكان آخر على الأرض، مما يؤدي إلى تكرار البلازما الكثيفة الموجودة داخل النجوم القزمة البيضاء، وعند تفعيلها، توجه الآلة 20 مليون أمبير من الكهرباء – أقوى بألف مرة من صاعقة البرق – نحو هدف صغير.
فيما تحتوي على حاوية معدنية صغيرة تحتوي على مئات من أسلاك التنجستن الدقيقة أكثر من شعرة الإنسان، والتي يتم تحويلها إلى بلازما، وهي نفس المادة التي تشكل النجوم، مما يسمح للباحثين بدراسة “الأشياء النجمية” هنا على كوكبنا.
وتعود أصول آلة Z إلى السبعينيات عندما سعت وزارة الطاقة إلى محاكاة تفاعلات الاندماج النووي، وقد أدى ذلك إلى تطوير مرفق الطاقة النبضي Z، أو آلة Z، في عام 1996.
محطة الفضاء الدولية
تعمل محطة الفضاء الدولية (ISS) كمحطة خدمة للأقمار الصناعية وكقاعدة إطلاق للمهام خارج مدار الأرض، وقد تم تصميم محطة الفضاء الدولية لتوفير بيئة خالية من الجاذبية لمجموعة واسعة من التجارب، مما يشكل تحديات معمارية كبيرة وزاد من تكلفة وتعقيد المشروع.
تم إطلاقها في المدار في عام 1998، وهي تعد جهداً تعاونياً بين بلدان متعددة، مع مساهمات كبيرة من الولايات المتحدة وروسيا ووكالة الفضاء الأوروبية، وكذلك كندا واليابان.
تعد بمثابة مختبر أبحاث الجاذبية الصغرى وبيئة الفضاء حيث يتم إجراء البحوث العلمية في علم الأحياء الفلكي وعلم الفلك والأرصاد الجوية والفيزياء وغيرها من المجالات، علماً بأنها تدور حول الأرض على ارتفاع حوالي 250 ميلاً (402 كيلومترًا) ويمكن رؤيتها بالعين المجردة.
Deepwater Horizon
هي عبارة عن منصة شبه غاطسة قادرة على الحفر في المياه العميقة للغاية، ومصممة للعمل في ظل ظروف سطحية صعبة على أعماق تصل إلى 10000 قدم (3048 مترًا)، يديرها طاقم مكون من 135 متخصصًا.
وعلى عكس السفن ذات المواقع الثابتة حافظت هذه المنصة على موقعها فوق البئر باستخدام أنظمة تحديد المواقع الديناميكية، بما في ذلك أجهزة الدفع والمراوح، مما يسمح لها بتعديل موضعها حسب الحاجة.
ويعزز تصميم هذه المنصات شبه الغاطسة ثباتها ضد الأمواج ويوفر ثباتًا يفوق القوارب التقليدية. وعلى الرغم من بنيتها القوية، إلا أن هذه المنصات لا تتميز بمساحات سطحية كبيرة، ولكنها مجهزة بمراكز التحكم والتشغيل الأساسية، ومنصات طائرات الهليكوبتر، ومناطق الشحن.
اقرأ أيضاً:
“جيمس ويب” عين البشر الجديدة في الفضاء