على مر عقود، تمكن النظام الغذائي لمنطقة البحر المتوسط من احتلال قمة الأنماط الصحية للطعام، والذي يعتمد على مكونات أساسية من بينها الخضروات وزيت الزيتون، ويبدو أنه سيستمر في ذلك.
وفي عام 2023، صنفت مجلة US News and World Report، النظام الغذائي لمنطقة البحر المتوسط بأنه الأفضل، خصوصًا وأن مكوناته تسمح باتباعه في أي بلد، ولا يتطلب الأمر أن يكون الشخص مقيمًا في إحدى دول منطقة البحر المتوسط، بحسب مجلة ناشيونال جيوغرافيك.
ولكن لماذا يتفوق هذا النظام الغذائي؟
هناك عدة عوامل سمحت بأن يحتل النظام الغذائي لمنطقة البحر المتوسط قمة الهرم، من بينها القيمة الغذائية والطعم اللذيذ، والفوائد الصحية التي لا حصر لها.
يقول الرئيس السابق للكلية الأمريكية لطب نمط الحياة، ديفيد كاتز، إن هذا النظام يحتوي على أطعمة حقيقية معظمها من النباتات، بما يسمح بالتغذية الكاملة، ويجنب متبعه من الاعتماد على الوجبات السريعة وغيرها من الأطعمة غير الصحية.
من ناحية أخرى، ربط العلماء بين اتباع النظام الغذائي لمنطقة البحر المتوسط وطول العمر، من خلال مقارنة بين أشخاص اعتمدوا النظام وغيرهم لم يعتمدوه.
ووجدت دراسة نُشرت في مجلة JAMA Internal Medicine خلال العام الجاري، أن اتباع النظام الغذائي لمنطقة البحر المتوسط ساهم في تقليل خطر الوفاة المبكرة بنسبة 20% لهؤلاء الأشخاص.
وأوضح العلماء أن هذا النظام الغذائي يساعد على تقليل خطر الإصابة ببعض الأمراض المزمنة مثل: أمراض القلب والأوعية الدموية، والسرطان، والسكري من النوع الثاني، والأمراض التنكسية العصبية، وأمراض الجهاز التنفسي، وهي أسباب رئيسية للوفاة.
كيف تم اكتشاف النظام الغذائي لمنطقة البحر المتوسط؟
حدث ذلك في خمسينيات القرن الماضي، عندما شرع عالم وظائف الأعضاء من ولاية مينيسوتا، أنسيل كيز، في دراسة ارتباط النظام الغذائي بعوامل نمط الحياة الحياة، مثل الإصابة بالأمراض في 7 بلدان كان من بينها اليونان وإيطاليا.
وجاءت النتائج لتكشف أن هناك بالفعل ارتباطًا بين ما يعتاد الأشخاص على تناوله من أطعمة، ومستويات الكوليسترول لديهم وكذلك الإصابة بالعديد من الأمراض.
واكتشف العلماء أن الناس في إيطاليا واليونان يتناولون بشكل دائم وجبات غنية بالنباتات مثل الحبوب الكاملة والفواكه والخضروات والفاصوليا والبقوليات والمكسرات والبذور والأعشاب والتوابل والدهون الصحية مثل زيت الزيتون البكر الممتاز.
كما يتخلل النظام بعض العناصر الأخرى مثل البروتينيات منزوعة الدهم متمثلة في الأسماك والمأكولات البحرية والدواجن، بالإضافة إلى البيض ومنتجات الألبان.
وبمرور الزمن، بات هذا النظام الغذائي الذي يضم هذه العناصر والمكونات يُعرف بحمية منطقة البحر المتوسط.
فوائد النظام الغذائي لمنطقة البحر المتوسط
ويقول اختصاصي التغذية في مدينة نيويورك، كيث أيوب، إن هذا النظام الغذائي برغم بساطته إلا أنه متوازن ويحتوي على العديد من العناصر الصحية مثل الكربوهيدرات المعقدة في الحبوب الكاملة، والدهون الصحية في زيت الزينون، إلى جانب عناصر أخرى مثل أوميجا 3 والبروتين الخالي من الدهون.
ومن بين الفوائد الصحية للنظام الغذائي لمنطقة البحر المتوسط هي تعزيز صحة الدماغ، إذ أثبتت الدراسات أنه يساهم في تقليل خطر الإصابة بالتدهور المعرفي وتراجع الذاكرة المصاحب للتقدم في العمر.
ويرجع ذلك إلى احتواء النظام على العديد من العناصر التي لها تأثيرات وقائية على صحة الدماغ مثل أوميجا 3، هذا بخلاف تأثيراته الأخرى مثل استعادة وظائف الخلايا التالفة وتحسين المزاج العالم وتقليل القلق والاكتئاب.
كما أن هذا النظام يؤدي إلى انخفاض معدلات الإصابة بالسرطان، مثل سرطان القولون والمستقيم وسرطان الثدي والمعدة وسرطان الكبد والرأس والرقبة وسرطان البروستات.
وفي حين أن إنقاص الوزن ليس من الأهداف الأساسية لهذه الحمية، إلا أن الأبحاث أثبتت تأثيرها الكبير على خفض وزن العديد من الأشخاص الذين يعتمدون هذا النظام.
ويعمل النظام أيضًا على تقليل الالتهابات وتعزيز حساسية الأنسولين، وذلك بسبب احتوائه على مضادات الأكسدة مثل الدهون غير المشبعة وفيتامينات C وE وحمض الفوليك.
وبنظرة أوسع، فإن النظام الغذائي لمنطقة البحر المتوسط له العديد من الفوائد على البيئة من خلال تقليل تناول لحوم الحيوانات، وبالتالي إنتاج كميات أقل من النفايات.
كما أنه يساهم في تقليل انبعاثات الغازات الدفينة مثل ثاني أكسيد الكربون، وهو أحد العوامل الأساسية في تغير المناخ، ما يجعله نظامًا صحيًا للإنسان وللكوكب أيضًا.
دليل الغذاء الصحي للأطفال في المدارس.. المجموعات الغذائية الخمس
أكثر دول العالم ارتفاعًا في أسعار الغذاء في الربع الثاني من 2023
هيئة الغذاء والدواء ترد على علاقة الأسبارتام بالسرطان.. هل يسببه حقًا؟