تقدم دراسة جديدة رؤى حول كيفية معالجة الدماغ للأحداث اليومية.. وتشكيلها على هيئة مشاهد. على غرار تقسيم الأفلام إلى مشاهد، يقوم الدماغ بتقسيم ذكرياتنا اليومية إلى “مقاطع” متصلة، لكن من يحدد هذه الحدود؟ الدراسة.. التي نُشرت في مجلة علم الأحياء الحالي، تقدم دليلًا على أن دماغ الإنسان قد يمتلك المزيد من السيطرة.. على تقسيم الذكريات اليومية مما كان يُعتقد سابقاً.
كيف يتحكم الدماغ في تحديد مشاهد الذاكرة؟
كانت النظرية السائدة تفترض أن التغيرات البيئية الكبرى.. هي التي تحفز الدماغ على بدء مشهد جديد، كالدخول إلى مكان جديد. لكن الباحثين بقيادة كريستوفر بالداسانو من جامعة كولومبيا.. طرحوا فكرة أن الانطباعات والتجارب الشخصية، قد تلعب دورًا في هذا التقسيم.
كيف تعمل أدمغتنا؟
لتقييم هذا، قام الباحثون بإنشاء 16 قصة صوتية قصيرة تتضمن أربع بيئات، مثل مطعم أو قاعة محاضرات، وأحداث اجتماعية مختلفة مثل عرض زواج أو إنهاء علاقة. استمع المشاركون لهذه القصص بينما كان الباحثون يرصدون نشاط أدمغتهم باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، والذي أظهر تغييرات في نشاط القشرة الجبهية، وهي جزء من الدماغ مسؤول عن فهم وتفسير التجارب.
قدرة الدماغ على التحكم في الذاكرة
وجد الباحثون أن النشاط الدماغي يرتفع عند حدوث تغيرات اجتماعية كبيرة في القصة، ولكن تغير النشاط اختلف عندما طُلب من المشاركين.. التركيز على تفاصيل البيئات بدلًا من الأحداث الاجتماعية. أظهرت النتائج أن المشاركين تمكنوا من تقسيم القصة إلى مشاهد.. وفقًا لتوجيهات محددة، مما يوحي بأن لدينا القدرة على التأثير في كيفية تخزيننا للذكريات اليومية.
تأثير التحكم في الذاكرة على التذكر
عند استرجاع القصة، أظهر المشاركون الذين تم توجيههم للتركيز على عناصر محددة قدرة أقل على تذكر التفاصيل التي لم يُطلب منهم التركيز عليها. هذه النتائج تشير إلى أن ذاكرتنا ليست مجرد استجابة للبيئة الخارجية، بل يمكننا توجيه تركيزنا لتحديد الأحداث التي نختار تذكرها.
تأثيرات محتملة على حالات مرضية
يقول ديفيد كليوت، أستاذ علم النفس المعرفي في جامعة كاليفورنيا، إن الدراسة تشير إلى إمكانية استخدام هذه الآليات.. لتحسين العلاج لمرضى اضطراب ما بعد الصدمة والخرف، حيث يمكن توجيه المرضى.. للتركيز على الأحداث المهمة في حياتهم لتعزيز تذكرهم للتفاصيل الحيوية.
آفاق مستقبلية
يأمل الباحثون في استكشاف كيفية تأثير هذه الآلية على الذاكرة طويلة الأمد، لا سيما عند السماح للأفراد بتحديد تذكرهم بناءً على تجربتهم الشخصية. النتائج تُظهر أن التحكم في التركيز يمكن أن يكون أداة قوية في تحسين فهمنا لتكوين الذكريات، ما يفتح آفاقًا جديدة للتطبيقات العلاجية.
في النهاية
يبدو أن ذاكرتنا اليومية تخضع لتوجيهنا الشخصي أكثر مما نعتقد، ذلك يتيح لنا القدرة على تحديد ما يستحق التذكر وفقًا لتجاربنا وأولوياتنا، ويبدو أننا من الممكن أن نكتشف لاحقًا أكثر مما كنا نعرفه من قبل.